responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : الـفتوحات المکیة المؤلف : ابن عربي، محيي الدين    الجزء : 3  صفحة : 71

راجعة إلى حاله لا بد من ذلك أو إلى منزلة الشرع في ذلك الوقت في ذلك الموضع الذي رآه فيه مثل الرؤيا سواء إلا إن هذا الإنسان يراها في اليقظة و العامة ترى ذلك في النوم فلا يأخذ عن تلك الصورة إذا تجلت بهذه المثابة شيئا من الأحكام المشروعة و كل ما أتى به من العلوم و الأسرار مما عدا التحليل و التحريم فلا تحجير عليه فيما يأخذه منها لا في العقائد و لا في غيرها فإن الحضرة الإلهية تقبل جميع العقائد إلا الشرك فإنها لا تقبله فإن الشريك عدم محض و الوجود المطلق لا يقبل العدم و الشريك لا شك أنه خارج عن شريكه بخلاف ما يعتقد فيه مما يتصف به الموصوف في نفسه فلهذا قلنا لا يقبل الشريك لأنه ما ثم شريك حتى يقبل و إن كان قد جاء في قوله تعالى وَ مَنْ يَدْعُ مَعَ اللّٰهِ إِلٰهاً آخَرَ لاٰ بُرْهٰانَ لَهُ بِهِ فافهم هذه الإشارة فإن الشبهة تأتي في صورة البرهان فهذا ذم للمقلدة لا لأصحاب النظر و إن أخطئوا

[أن الغرض هو عين الإرادة]

ثم اعلم أن الغرض هو عين الإرادة إلا أنه إرادة للنفس بها تعشق و هوى فثبتت فسميت غرضا إذا كان الغرض هو الإشارة التي تنصبها الرماة للمناضلة و لما كانت السهام من الرماة تقصدها و هي ثابتة لا تزول سميت الإرادة التي بهذه المثابة غرضا لثبوتها في نفس من قامت به لتعشقه بذلك الأمر و لا يبالي من سهام أقوال الناس فيه لذلك و سواء كان ذلك الغرض محمودا أو مذموما لكنهم اصطلحوا على أنه إذا قيل فيه غرض نفسي و نسبوه إلى النفس أن يكون مذموما و إذا عرى عن هذه النسبة قد يكون محمودا و قد يكون مذموما و لهذا وصف الحق بأن له إرادة و لم يتصف بأن له غرضا لأن الغرض الغالب عليه تعلق الذم به و هو عرض يعرض للنفس فأعجم القضاء و القدر عينه فسمي غرضا لما ذكرناه لما يقوم بصاحبه من اللجاج في إمضائه و هو عين العلة التي لأجلها كان وقوع ذلك الفعل أو تركه إن كان الغرض تركه و العلة مرض و الأغراض أمراض النفوس و إنما قلنا بأنه أمر يعرض للنفس لأن النفس إنما خلق لها الإرادة لتريد بها ما أراد اللّٰه أن تأتيه من الأمور أو تتركه على ما حد لها الشارع فالأصل هو ما ذكرناه فلما عرض لهذه الإرادة تعشق نفسي بهذا الأمر و لم تبال من حكم الشرع فيه بالفعل أو الترك حتى لو صادف الأمر الشرعي بإمضائه لم يكن بالقصد منه و إنما وقع له بالاتفاق كون الشارع أمره به ففعله صاحب هذه الصفة لغرضه لا لحكم الشارع فلهذا لم يحمده اللّٰه على فعله إلا إن سأل قبل إمضاء الغرض هل للشرع في إمضائه حكم يحمد فيفتيه المفتي بأن الشارع قد حكم فيه بالإباحة أو بالندب أو بالوجوب فيمضيه عند ذلك فيكون حكما شرعيا وافق هوى نفس فيكون مأجورا عليه و الأول ليس كذلك فإن الأول هوى نفس و غرض وافق حكم شرع محمود فلم يمضه للشرع على طريق القربة فخسر فانظر يا ولي في أغراضك النفسية إذا عرضت لك ما حكمها في الشرع فإذا حكم عليك الشرع بالفعل فافعله أو بالترك فاتركه فإن غلب عليك بعد السؤال و معرفتك بحكم الشرع فيه بالترك و لم تتركه و اعتقدت إنك مخطئ في ذلك فأنت مأجور من وجوه من بحثك و سؤالك عن حكم الشرع فيه قبل إمضائه و من اعتقادك أولا في الشرع حتى سألت عن حكمه في ذلك الأمر و من اعتقادك بعد العلم بأنه حرام يجب تركه و من استنادك إلى أن اللّٰه غفور رحيم يعفو و يصفح بطريق حسن الظن بالله و من كونك لم تقصد انتهاك حرمة اللّٰه و من كونك معتقد السابق القضاء و القدر فيك بإمضاء هذا الأمر كمسألة موسى مع آدم ع فهذه وجوه كثيرة أنت مأجور من جهتها في عين معصيتك و أنت مأثوم فيها من وجه واحد و هو عين إمضاء ذلك الأمر الذي هو هوى نفسك و إن زاد إلى تلك الوجوه إنك يسوؤك ذلك الأمر كما

قال رسول اللّٰه ص المؤمن من سرته حسنته و ساءته سيئته فبخ على بخ و هذا كله إنما جعله اللّٰه للمؤمن إرغاما للشيطان الذي يزين للإنسان سوء عمله فإن الشيطان يأمر بالفحشاء فوعد اللّٰه بالمغفرة و هي الستر الذي يجعله اللّٰه بين المؤمن العاصي و بين الكفر الذي يرديه عند وقوع المعصية فيعتقد أنها معصية و لا يبيح ما حرم اللّٰه و ذلك من بركة ذلك الستر ثم ثم مغفرة أخرى و هو ستر خلف سترين ستر عليه في الدنيا لم يمض فيه حد اللّٰه المشروع في تلك المعصية و إن ستر عليه في الآخرة لم يعاقبه عليها فالستر الأول محقق في الوقت قال تعالى وَ اللّٰهُ يَعِدُكُمْ مَغْفِرَةً مِنْهُ وَ فَضْلاً فهذه المغفرة لأمره بالفحشاء و الفضل لما وعد به الشيطان من الفقر في قوله تعالى اَلشَّيْطٰانُ يَعِدُكُمُ الْفَقْرَ وَ يَأْمُرُكُمْ بِالْفَحْشٰاءِ فأراح اللّٰه المؤمن حيث ناب عنه الحق سبحانه في مدافعة ما أراد الشيطان إمضائه في المؤمن فدفع اللّٰه عن عبده المؤمن و عدا إلهيا دفع

اسم الکتاب : الـفتوحات المکیة المؤلف : ابن عربي، محيي الدين    الجزء : 3  صفحة : 71
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست