responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : الـفتوحات المکیة المؤلف : ابن عربي، محيي الدين    الجزء : 3  صفحة : 60

من اللّٰه أن يعطيه كتابه بعتقه من النار فجعل الناس و أصحابه يلومونه و يعرفونه أن فلانا مزح معك و هو لا يصدقهم بل بقي مستمرا على حاله فبينا هو كذلك إذ سقطت عليه ورقة من الجو من جهة الميزاب فيها مكتوب عتقه من النار فسر بها و أوقف الناس عليها و كان من آية ذلك الكتاب أنه يقرأ من كل ناحية على السواء لا يتغير كلما قلبت الورقة انقلبت الكتابة لانقلابها فعلم الناس أنه من عند اللّٰه و أما في زماننا فاتفق لامرأة أنها رأت في المنام كأن القيامة قد قامت و أعطاها اللّٰه ورقة شجرة فيها مكتوب عتقها من النار فمسكتها في يدها و اتفق أنها استيقظت من نومها و الورقة قد انقبضت عليها يدها و لا نقدر على فتح يدها و تحس بالورقة في كفها و اشتد قبض يدها عليها بحيث إنه كان يؤلمها فاجتمع الناس عليها و طمعوا أن يقدروا على فتح يدها فما استطاع أحد على فتح يدها من أشد ما يمكن من الرجال فسألوا عن ذلك أهل طريقنا فما منهم من عرف سر ذلك و أما علماء الرسم من الفقهاء فلا علم لهم بذلك و أما الأطباء فجعلوا ذلك لخلط قوى أنصب إلى ذلك العضو فأثر فيه ما أثر فقال بعض الناس لو سألنا فلانا يريدون إياي بذلك ربما وجدنا عنده علما بذلك فجاءوني بالمرأة و كانت عجوزا و يدها مقبوضة قبضا يؤلمها فسألتها عن رؤياها فأخبرتني كما أخبرت الناس فعرفت السبب الموجب لقبض يدها عليها فجئت إلى أذنها و ساررتها فقلت لها قربى يدك من فمك و انوي مع اللّٰه إنك تبتلعين تلك الورقة التي تحسين بها في كفك فإنك إذا نويت ذلك و علم اللّٰه صدقك في ذلك فإن يدك تنفتح فقربت المرأة يدها من فيها و ألزقته و فتحت فاها و نوت مع اللّٰه ابتلاع الورقة فانفتحت يدها و حصلت الورقة في فمها فابتلعتها و انفتح يدها فتعجب الحاضرون من ذلك فسألوني عن علم ذلك فقلت لهم إن مالك بن أنس إمام دار الهجرة اتفق في زمانه و هو ابن ثلاث عشرة سنة و كان يقرأ الفقه على شيوخه و كان ذا فطنة و ذكاء فاتفق في ذلك الزمان أن امرأة غسلت ميتة فلما وصلت إلى فرجها ضربت بيدها على فرج الميتة و قالت يا فرج ما كان أزناك فالتصقت يدها بالفرج و التحمت به فما استطاع أحد على إزالة يدها فسئل فقهاء المدينة ما الحكم في ذلك فمن قائل يقطع يدها و من قائل يقطع من بدن الميتة قدر ما مسكت عليه اليد و طال النزاع في ذلك بين الفقهاء أي حرمة أوجب علينا حرمة الميت فلا نقطع منه شيئا أو حرمة الحي فلا يقطع فقال لهم مالك أرى أن الحكم في ذلك أن تجلد الغاسلة حد الفرية فإن كانت افترت فإن يدها تنطلق فجلدت الغاسلة حد الفرية فانطلقت يدها فتعجب الفقهاء من ذلك و نظروا مالكا من ذلك الوقت بعين التعظيم و ألحقوه بالشيوخ كما كان عمر بن الخطاب يلحق عبد اللّٰه بن عباس بأهل بدر في التعظيم لعظم قدره في العلم و لما علمت أنا بما ألقى اللّٰه في نفسي أن اللّٰه غار على تلك الورقة أن لا يطلع عليها أحد من خلق اللّٰه و أن ذلك سر خص اللّٰه به تلك المرأة قلت لها ما قلت فانفتحت يدها و ابتلعت تلك الورقة و يحوي هذا المنزل على علم الجنان و النار و علم مواقف القيامة و علم الأحوال الأخروية و علم الشرائع و علم ما السبب الموجب الذي لأجله عرفت الرسل مقاديرها مع علو منزلتهم عند اللّٰه و الفرق بين منزلتهم عند اللّٰه و منزلتهم عند الناس المؤمنين بهم و بأي عين ينظر إليهم الحق و بأي اسم يخاطبهم و علم التنزيه و التقديس و العظمة و ما حضرة الربوبية من حضرات بقية الأسماء المقيدة وَ اللّٰهُ يَقُولُ الْحَقَّ وَ هُوَ يَهْدِي السَّبِيلَ

«الباب السادس عشر و ثلاثمائة في معرفة منزل الصفات القائمة المنقوشة بالقلم الإلهي في اللوح المحفوظ الإنساني من
الحضرة الإجمالية الموسوية و المحمدية و هما من أسنى الحضرات»



سر الدواة و القلم علم الحدوث و القدم
و ذاك مخصوص بمن نودي بعبدي فقدم
لحضرة من ذاته كان له فيها قدم
و كان من قولهم له في رتبة العلم قدم
و جاء يسعى راكبا و ماشيا على قدم
و كان قد مازجهم مزاج لحم مع دم
و ألحق الكون إذا أشهده الحق العدم
فسره في كونه كمثله حين عدم
و لم يكن في وقته صاحب أقدام تذم
فشرط كل تائب عزم صحيح و ندم
لما أتى حضرته جاء بذل و خدم
و عند ما أبصره عينا على العرش حزم

اسم الکتاب : الـفتوحات المکیة المؤلف : ابن عربي، محيي الدين    الجزء : 3  صفحة : 60
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست