responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : الـفتوحات المکیة المؤلف : ابن عربي، محيي الدين    الجزء : 3  صفحة : 61



فجادت العين له إذ كان من بعض الخدم
و عند ما يخرج من مقامه ذاك خدم

[أسرى رسول اللّٰه بجسمه]

اعلم أيدك اللّٰه أيها الولي الحميم و الصفي الكريم نور اللّٰه بصيرتك أن رسول اللّٰه ص لما كان خلقه القرآن و تخلق بالأسماء و كان اللّٰه سبحانه ذكر في كتابه العزيز أنه تعالى اِسْتَوىٰ عَلَى الْعَرْشِ على طريق التمدح و الثناء على نفسه إذ كان العرش أعظم الأجسام فجعل لنبيه ص من هذا الاستواء نسبة على طريق التمدح و الثناء عليه به حيث كان أعلى مقام ينتهي إليه من أسرى به من الرسل و ذلك يدل أنه أسرى به ص بجسمه و لو كان الإسراء به رؤيا لما كان الإسراء و لا الوصول إلى هذا المقام تمدحا و لا وقع من الإعراب في حقه إنكار على ذلك لأن الرؤيا يصل الإنسان فيها إلى مرتبة رؤية اللّٰه تعالى و هي أشرف الحالات و في الرؤيا ما لها ذلك الموقع من النفوس إذ كل إنسان بل الحيوان له قوة الرؤيا فقال ص عن نفسه على طريق التمدح لكونه جاء بحرف الغاية و هو حتى فذكر أنه أسرى به حتى ظهر لمستوي يسمع فيه صريف الأقلام و هو قوله تعالى لِنُرِيَهُ مِنْ آيٰاتِنٰا إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ فالضمير في أنه هو يعود على محمد ص فإنه أسرى به فرأى الآيات و سمع صريف الأقلام فكان يرى الآيات و يسمع منها ما حظه السماع و هو الصوت فإنه عبر عنه بالصريف و الصريف الصوت قال النابغة

له صريف صريف القعو بالمسد
فدل أنه بقي له من الملكوت قوة ما لم يصل إليه بجسمه من حيث هو راء و لكن من حيث هو سميع فوصل إلى سماع أصوات الأقلام و هي تجري بما يحدث اللّٰه في العالم من الأحكام و هذه الأقلام رتبتها دون رتبة القلم الأعلى و دون اللوح المحفوظ فإن الذي كتبه القلم الأعلى لا يتبدل و سمي اللوح بالمحفوظ من المحو فلا يمحي ما كتب فيه و هذه الأقلام تكتب في ألواح المحو و الإثبات و هو قوله تعالى يَمْحُوا اللّٰهُ مٰا يَشٰاءُ وَ يُثْبِتُ و من هذه الألواح تتنزل الشرائع و الصحف و الكتب على الرسل صلوات اللّٰه عليهم و سلامه و لهذا يدخل في الشرائع النسخ و يدخل في الشرع الواحد النسخ في الحكم و هو عبارة عن انتهاء مدة الحكم لا على البدا فإن ذلك يستحيل على اللّٰه و إلى هنا كان يتردد ص في شأن الصلوات الخمسين بين موسى و بين ربه إلى هذا الحد كان منتهاه فيمحو اللّٰه عن أمة محمد ص ما شاء من تلك الصلوات التي كتبها في هذه الألواح إلى أن أثبت منها هذه الخمسة و أثبت لمصليها أجر الخمسين و أوحى إليه أنه لا يبدل القول لديه : فما رجع بعد ذلك من موسى في شأن هذا الأمر و من هذه الكتابة ثُمَّ قَضىٰ أَجَلاً وَ أَجَلٌ مُسَمًّى و من هذه الألواح وصف نفسه سبحانه بأنه تعالى يتردد في نفسه في قبضه نسمة المؤمن بالموت و هو قد قضى عليه و من هذه الحقيقة الإلهية التي كني عنها بالتردد الإلهي يكون سريانها في التردد الكوني في الأمور و الحيرة فيها و هو إذا وجد الإنسان أن نفسه تتردد في فعل أمر ما هل يفعله أو لا يفعله و ما تزال على تلك الحال حتى يكون أحد الأمور التي ترددت فيها فيكون و يقع ذلك الأمر الواحد و يزول التردد فذلك الأمر الواقع هو الذي ثبتت في اللوح من تلك الأمور المتردد فيها و ذلك أن القلم الكاتب في لوح المحو يكتب أمرا ما و هو زمان الخاطر الذي يخطر للعبد فيه فعل ذلك الأمر ثم تمحى تلك الكتابة يمحوها اللّٰه فيزول ذلك الخاطر من ذلك الشخص لأنه ما ثم رقيقة من هذا اللوح تمتد إلى نفس هذا الشخص في عالم الغيب فإن الرقائق إلى النفوس من هذه الألواح تحدث بحدوث الكتابة و تنقطع بمحوها فإذا أبصر القلم موضعها من اللوح ممحوا كتب غيرها مما يتعلق بذلك الأمر من الفعل أو الترك فيمتد من تلك الكتابة رقيقة إلى نفس ذلك الشخص الذي كتب هذا من أجله فيخطر لهذا الشخص ذلك الخاطر الذي هو نقيض الأول فإن أراد الحق إثباته لم يمحه فإذا ثبت بقيت رقيقة متعلقة بقلب هذا الشخص و ثبتت فيفعل ذلك الشخص ذلك الأمر أو يتركه بحسب ما ثبت في اللوح فإذا فعله أو ثبت على تركه و انقضى فعله محاه الحق من كونه محكوما بفعله و أثبته صورة عمل حسن أو قبيح على قدر ما يكون ثم إن القلم يكتب أمرا آخر هكذا الأمر دائما و هذه الأقلام هذه مرتبتها و الموكل بالمحو ملك كريم على اللّٰه تعالى هو الذي يمحو على حسب ما يأمره به الحق تعالى و الإملاء على ذلك الملك و الأقلام من الصفة الإلهية التي كنى عنها في الوحي المنزل على رسوله بالتردد و لو لا هذه الحقيقة الإلهية ما اختلف أمران في العالم و لا حار

اسم الکتاب : الـفتوحات المکیة المؤلف : ابن عربي، محيي الدين    الجزء : 3  صفحة : 61
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست