responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : الـفتوحات المکیة المؤلف : ابن عربي، محيي الدين    الجزء : 3  صفحة : 550

فنفى إِذْ رَمَيْتَ فأثبت الرمي لمن نفاه عنه ثم لم يثبت على الإثبات بل أعقب الإثبات نفيا كما أعقب النفي إثباتا فقال وَ لٰكِنَّ اللّٰهَ رَمىٰ فما أسرع ما نفى و ما أسرع ما أثبت لعين واحدة فلهذا سميت هذه المنازلة المسلك السيال تشبيها بسيلان الماء الذي لا يثبت على شيء من مسلكه إلا قدر مروره عليه فقدم رجاله غير ثابتة على شيء بعينه لأن المقام يعطي ذلك و هو عين قوله كُلَّ يَوْمٍ هُوَ فِي شَأْنٍ و مقدار اليوم الزمن الفرد و كذلك قوله تعالى وَ لاٰ تَكُونُوا كَالَّذِينَ قٰالُوا سَمِعْنٰا وَ هُمْ لاٰ يَسْمَعُونَ مع كونهم سمعوا فانظر إلى هذا الذم كيف أشبه غاية الحمد فيمن كان الحق سمعه و بصره فمن كان الحق سمعه فقد سمع ضرورة فلم يسمع إلا بربه فهو سامع لا بنفسه و لا يصح أن يكون محلا لهوية ربه فعينه وجود الحق و الحكم للممكن فإن ذلك أثره وَ لَوْ عَلِمَ اللّٰهُ فِيهِمْ خَيْراً لَأَسْمَعَهُمْ و الوجود هو الخير فيتصفون بالوجود وَ لَوْ أَسْمَعَهُمْ إذ أوجدهم لَتَوَلَّوْا إلى ذواتهم فيعلمون أنهم ما سمعوا فكنى عنه بالإعراض لأن الحق هو السامع و هم له كالأذن لنا آلة نسمع بها أصوات المصوتين و كلام المتكلمين فهو المخاطب و هو المتكلم السامع يٰا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أي صدقوا بما قلنا اِسْتَجِيبُوا لِلّٰهِ وَ لِلرَّسُولِ إِذٰا دَعٰاكُمْ فوحد الداعي بعد ذكر الاثنين فعلمنا إن الأمر واحد و ما سمعنا متكلما إلا الرسول بالسماع الحسي و سمعنا كلام الحق بسمع الحق بالسمع المعنوي فالله و الرسول اسمان للمتكلم فإن الكلام لله كما قال اللّٰه و المتكلم المشهود عين لسان محمد ص مَنْ يُطِعِ الرَّسُولَ فَقَدْ أَطٰاعَ اللّٰهَ

فليس عيني سواه
فنحن فيه سواء كما يراني أراه
و قد ذكرناه جماع هذا الباب مختصرا كافيا وَ اللّٰهُ يَقُولُ الْحَقَّ وَ هُوَ يَهْدِي السَّبِيلَ

«الباب الثاني و التسعون و ثلاثمائة في معرفة منازلة
من رحم رحمناه و من لم يرحم رحمناه ثم غضبنا عليه و نسيناه »



من أراد الحق يطلبه في وجود الملك و الملكوت
كلمات الحق ليست سوى ما بدا من عالم عن ثبوت
و الذي في ليس معدنه في مقام نحن عنه سكوت
كلما نلناه من كرم فهو المدعو بالرحموت
و الذي البرهان يظهر قائم في برزخ الجبروت
ظاهر الأكوان باطنها رهبوت عينه رغبوت
فمال الكون أجمعه لمقر العفو و الرحموت

[الرحم شجنة من الرحمن]

قال اللّٰه تعالى في افتتاح كلامه الجامع بِسْمِ اللّٰهِ الرَّحْمٰنِ الرَّحِيمِ اَلْحَمْدُ لِلّٰهِ رَبِّ الْعٰالَمِينَ اَلرَّحْمٰنِ الرَّحِيمِ و أكد هذا العالم بأن نعته بأنه غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَ لاَ الضّٰالِّينَ و

قال ص في الثابت عنه الرحم شجنة من الرحمن من وصلها وصله اللّٰه و من قطعها قطعه اللّٰه و

قال ص الراحمون يرحمهم الرحمن ارحموا من في الأرض يرحمكم من في السماء و

قال ص في حديث الشفاعة إن اللّٰه يقول شفعت الملائكة و شفع النبيون و المؤمنون و بقي أرحم الراحمين اعلم أن العالم لما أقام اللّٰه نشأته على التربيع و أعني بالعالم هنا الإنس و الجان الذين يعمرون الدارين الجنة و النار جعل في أم الكتاب الذي يقضي على جميع ما يتضمنه العالم أربع رحمات لكل ربع من كل شخص شخص رحمة فضمن الآية الأولى من أم الكتاب و هي البسملة رحمتان و هما قوله اَلرَّحْمٰنِ الرَّحِيمِ و ضمن الآية الثالثة منها أيضا رحمتين و هما قوله اَلرَّحْمٰنِ الرَّحِيمِ فهو رحمن بالرحمتين العامة و هي رحمة الامتنان و هو رحيم بالرحمة الخاصة و هي الواجبة في قوله فَسَأَكْتُبُهٰا لِلَّذِينَ يَتَّقُونَ الآيات و قوله كَتَبَ رَبُّكُمْ عَلىٰ نَفْسِهِ الرَّحْمَةَ و أما رحمة الامتنان فهي التي تنال من غير استحقاق بعمل و برحمته الامتنان رحم اللّٰه من و فقه للعمل الصالح الذي أوجب له الرحمة الواجبة فبها ينال العاصي و أهل النار إزالة لعذاب عنهم و إن كانت مسكنهم و دارهم جهنم و هذه رحمة الامتنان قوله لنبيه ص

اسم الکتاب : الـفتوحات المکیة المؤلف : ابن عربي، محيي الدين    الجزء : 3  صفحة : 550
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست