responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : الـفتوحات المکیة المؤلف : ابن عربي، محيي الدين    الجزء : 3  صفحة : 534

البأس من الكفار إن الايمان لا يرفع نزول البأس بهم مع قبول اللّٰه إيمانهم في الدار الآخرة فيلقونه و لا ذنب لهم فإنهم ربما لو عاشوا بعد ذلك اكتسبوا أوزارا

أيها الخلق المسوي
بهم الأرض رجال
ثم أعطاه اقتدارا
و إذا كان الحق يقول عن نفسه إنه خَلَقَ فَسَوّٰى و قَدَّرَ فَهَدىٰ فما لك لا تسبح اِسْمَ رَبِّكَ الْأَعْلَى جعلنا اللّٰه ممن قيده الحق به و رزقه الوقوف عند حدوده و مراسمه في الآخرة و الأولى فانظر يا أخي ما أعطت عناية هذه المعية الإلهية في قوله وَ هُوَ مَعَكُمْ أَيْنَ مٰا كُنْتُمْ فهو معنا بهويته و هو معنا بأسمائه فهل ترى عين العارف كونا من الأكوان و عينا من الأعيان لا يكون الحق معه فالله يغفر للجميع بالواحد فكيف لا يغفر للواحد بالجميع فما من إنسان إلا و جميع أجزائه مسبحة بحمد اللّٰه و لا قوة من قواه إلا و هي ناطقة بالثناء على اللّٰه حتى النفس الناطقة المكلفة من حيث خلقها و عينها كسائر جسدها الذي هو ملكها مسبحة أيضا لله فما عصى و خالف الأمر واحد من هذه الجملة المعبر عنها بالإنسان أ فترى اللّٰه لا يقبل طاعة هذه الجملة في معصية ذلك الواحد هيهات و أين الكرم إلا هنا يٰا أَيُّهَا الْإِنْسٰانُ مٰا غَرَّكَ بِرَبِّكَ الْكَرِيمِ فيقول كرمك فهذا تنبيه من اللّٰه لعبده أن يقول كرمك كما يفعله الحاكم المؤمن العالم إذ يقول للسارق و الزاني قل لا زنيت أو قل لا سرقت أو قل لا لعلمه أنه إذا اعترف أقام عليه حدا فربما يكون الزاني يدهش بين يدي الحاكم فينبهه ليقول بهذه المقالة لا فيدرأ عنه الحد بذلك وَ اللّٰهُ يَقُولُ الْحَقَّ وَ هُوَ يَهْدِي السَّبِيلَ

«الباب السابع و الثمانون و ثلاثمائة في معرفة منازل التواضع الكبريائي»



من هاله ما هو من جنسه فهو جهول ضل عن نفسه
لو أنه يعرف أوصافه ما هاله ما هو من جنسه
و كل ما في الجود فيه فمن دجى الليالي و سنا شمسه
و كل ما في الكون فيه فمن نزوله الأدنى و من قدسه
و انظر فأنت الأمر فأثبت على علم و لا تنظر إلى حدسه

[إن اللّٰه نزل نفسه منزلة عباده]

قال تبارك و تعالى لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ و قال وَ مٰا قَدَرُوا اللّٰهَ حَقَّ قَدْرِهِ و قال تعالى سُبْحٰانَ رَبِّكَ رَبِّ الْعِزَّةِ عَمّٰا يَصِفُونَ و قال وَ لَهُ الْكِبْرِيٰاءُ فِي السَّمٰاوٰاتِ وَ الْأَرْضِ وَ هُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ و قال فَإِنَّ اللّٰهَ غَنِيٌّ عَنِ الْعٰالَمِينَ و مع هذا كله

فهو القائل في الصحيح من الأخبار عنه مرضت فلم تعدني وجعت فلم تطعمني و ظمأت فلم تسقني يقول مثل هذا القول لعبده فأنزل نفسه هنا منزلة عباده و أين ذلك الكبرياء من هذا النزول و

ثبت في الصحيح أن اللّٰه يعجب من الشاب ليست له صبوة و

ثبت أن اللّٰه أفرح بتوبة عبده من فرح صاحب الناقة التي عليها طعامه و شرابه إذا وجدها بعد ما ضلت و هو في فلاة من الأرض منقطعة و أيقن بالموت ففرح بها فالله أفرح بتوبة عبده من هذا بناقته و

ثبت عنه أنه تعالى يتبشبش للذي يأتي المسجد كما يتبشبش أهل الغائب بغائبهم إذا ورد عليهم و أين هذا كله من قوله تعالى سُبْحٰانَ رَبِّكَ رَبِّ الْعِزَّةِ عَمّٰا يَصِفُونَ وَ سَلاٰمٌ عَلَى الْمُرْسَلِينَ وَ الْحَمْدُ لِلّٰهِ رَبِّ الْعٰالَمِينَ و مٰا قَدَرُوا اللّٰهَ حَقَّ قَدْرِهِ فأين هذا النزول من هذه الرفعة فهذا هو التواضع الكبريائي و كل حق و قول صدق و حكم صحيح لمن كشف اللّٰه عن بصيرته من علماء عباده فأراه الحق حقا و أراه الباطل باطلا و هنا تعلقت الرؤية بالمعدوم فإن الباطل عدم و إذا كان العبد يتصف برؤية المعدوم فالحق أولى بهذه الصفة أنه يرانا في حال عدمنا رؤية عين و بصر لا رؤية علم و أما قوله لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ فهو على الصحيح من الفهم معنى

قوله ص إن اللّٰه خلق آدم على صورته في بعض وجوه محتملات هذا الخبر و قوله تعالى لَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسٰانَ فِي أَحْسَنِ تَقْوِيمٍ فما ذاك إلا لخلقه على صورة الحق و إنما رده إلى أسفل سافلين ليجمع له كمال الصورة بالأوصاف كما ذكر عن نفسه أنه عليه فإن اتصافه بنفي المثل عن نفسه من اتصافه بالحد و المقدار

اسم الکتاب : الـفتوحات المکیة المؤلف : ابن عربي، محيي الدين    الجزء : 3  صفحة : 534
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست