responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : الـفتوحات المکیة المؤلف : ابن عربي، محيي الدين    الجزء : 3  صفحة : 514

و لا نشك فيه أنه رسول و نبي فعلمنا أنه ص أراد أنه لا شرع بعده ينسخ شرعه و دخل بهذا القول كل إنسان في العالم من زمان بعثته إلى يوم القيامة في أمته فالخضر و الياس و عيسى من أمة محمد ص الظاهرة و من آدم إلى زمان بعثة رسول اللّٰه ص من أمته الباطنة فهو النبي بالسابقة و هو النبي بالخاتمة فظهر في رسول اللّٰه ص إن السابقة عين الخاتمة في النبوة و أما خاتمية عيسى ع فله ختام دورة الملك فهو آخر رسول ظهر و ظهر بصورة آدم في نشئه حيث لم يكن عن أب بشري و لم يشبه الأبناء أعني ذرية آدم في النشء فإنه لم يلبث في البطن اللبث المعتاد فإنه لم ينتقل في أطوار النشأة الطبيعية بمرور الأزمان المعتادة بل كان انتقاله يشبه البعث أعني إحياء الموتى يوم القيامة في الزمان القليل على صورة من جاءوا عليها في الزمان الكثير فإنه داخل تحت عموم قوله كَمٰا بَدَأَكُمْ تَعُودُونَ في التناسل و التنقل في الأطوار ثم إن عيسى إذا نزل إلى الأرض في آخر الزمان أعطاه ختم الولاية الكبرى من آدم إلى آخر نبي تشريفا لمحمد ص حيث لم يختم اللّٰه الولاية العامة في كل أمة إلا برسول تابع إياه ص و حينئذ فله ختم دورة الملك و ختم الولاية أعني الولاية العامة فهو من الخواتم في العالم و أما خاتم الولاية المحمدية و هو الختم الخاص لولاية أمة محمد الظاهرة فيدخل في حكم ختميته عيسى ع و غيره كإلياس و الخضر و كل ولي لله تعالى من ظاهر الأمة فعيسى ع و إن كان ختما فهو مختوم تحت ختم هذا الخاتم المحمدي و علمت حديث هذا الخاتم المحمدي بفأس من بلاد المغرب سنة أربع و تسعين و خمسمائة عرفني به الحق و أعطاني علامته و لا أسميه و منزلته من رسول اللّٰه ص شعرة واحدة من جسده ص و لهذا يشعر به إجمالا و لا يعلم به تفصيلا إلا من أعلمه اللّٰه به أو من صدقه إن عرفه بنفسه في دعواه ذلك فلذلك عرف بأنه شعرة من الشعور و مثال الشعور أن ترى بابا مغلقا على ميت أو صندوقا مغلقا فتحس فيه بحركة توذن أن في ذلك البيت حيوانا و لكن لا يعلم أي نوع هو من أنواع الحيوان أو يشعر أنه إنسان و لا يعرف له عينا فيفصله من غيره كما نعلم بثقل الصندوق أنه يحتوي على شيء أثقله لا يعلم ما هو عين ذلك الشيء المختزن في ذلك الصندوق فمثل هذا يسمى شعورا لهذا الخفاء و أما ختم الأسماء الإلهية فهو عين سابقتها و هو الهو و هو مثل قوله هُوَ اللّٰهُ الَّذِي لاٰ إِلٰهَ إِلاّٰ هُوَ فبدأ بهو و أتى بالاسم اللّٰه المحيط بجميع الأسماء التي تأتي مفصلة ثم بالنفي فنفى إن يكون هذه المرتبة لغيره ثم أوجبها لنفسه بقوله إِلاّٰ هُوَ فبدأ بهو و ختم بهو فكل ما جاء من تفصيل أعيان الأسماء الإلهية فقد دخل تحت الاسم اللّٰه أتى بعد قوله هو فإن كلمة هو أعم من كلمة اللّٰه فإنها تدل على اللّٰه و على كل غائب و كل من له هوية و ما ثم إلا من له هوية سواء كان المعلوم أو المذكور موجود أو معدوما و أما الخواتم التي على القلوب فهي خواتم الغيرة الإلهية فما ختم بها إلا الاسم الغيور و هو

قوله ص في اللّٰه إنه أغير مني و من غيرته حرم الفواحش و جعل الفواحش ظاهرة و باطنة فقال تعالى لمحمد ص قُلْ إِنَّمٰا حَرَّمَ رَبِّيَ الْفَوٰاحِشَ مٰا ظَهَرَ مِنْهٰا وَ مٰا بَطَنَ فختم على كل قلب إن تدخله ربوبية الحق فتكون نعتا له فما من أحد يجد في قلبه أنه رب إله بل يعلم كل أحد من نفسه أنه فقير محتاج ذليل قال تعالى كَذٰلِكَ يَطْبَعُ اللّٰهُ عَلىٰ كُلِّ قَلْبِ مُتَكَبِّرٍ جَبّٰارٍ فلا يدخله كبرياء إلهي أصلا فجعل البواطن كلها في كل فرد فرد مختوما عليه إن لا يدخلها تأله و لم يعصم الألسنة إن تتلفظ بالدعوى بالألوهة و لا عصم النفوس أن تعتقد الألوهة في غيرها بل هي معصومة أن تعتقدها في نفسها لا في أمثالها لأنه ما كل أحد عالم بالأمور على ما هي عليه و لا يعلم كل أحد أن الأمثال كلها حكمها في الماهية واحد فهذه الخواتم قد انحصرت في تفصيل ما ذكرناه من أنواعها و أما الأعراس الإلهية على تفصيل ما ذكرناه في أول الباب فهي مشتقة من التعريس و هو نزول المسافر في منزلة معلومة في سفره و الأسفار معنوية و حسية فالسفر المحسوس معلوم و السفر المعنوي ما يظهر للقلب من المعاني دائما أبدا على التالي و التتابع فإذا مرت بهذا القلب عرست به فكان منزلا لتعريسها و إنما عرست به لتفيده حقيقة ما جاءت به و إنما نسبت إلى اللّٰه لأن اللّٰه هو الذي أسفرها و أظهرها لهذا القلب و جعله منزلا لها تعرس فيه و هي الشئون التي قال الحق عن نفسه إنه فيها جل جلاله في كل يوم فالعالم في سفر على الدوام دنيا و آخرة لأن الحق في شئون الخلق على الدوام دنيا و آخرة و القلوب محل

اسم الکتاب : الـفتوحات المکیة المؤلف : ابن عربي، محيي الدين    الجزء : 3  صفحة : 514
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست