responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : الـفتوحات المکیة المؤلف : ابن عربي، محيي الدين    الجزء : 3  صفحة : 462

و فيه علم سبب إدخال الآلام و اللذات على الحيوان الطبيعي و عين ما يتألم به حيوان يلتذ به حيوان آخر و فيه علم تأثير الأضعف في الأقوى و أصل ذلك من تأثير النسب في الموجودات و هي أمور عدمية بل لا مؤثر إلا هي و فيه علم من يعلم أنه لا يخبر إلا عن اللّٰه و يؤاخذ بما نسب و يهلك و آخر يخبر عن نفسه و ينجو و آخر يخبر عن اللّٰه و ينجو فالهالك من يخبر عن عقد و الناجي من يخبر عن ذوق فأهل الأذواق أهل اللّٰه و الخاصة من أوليائه و فيه علم الانقياد المنجي و الانقياد المهلك و فيه علم أشكال العالم و تشكله وَ اللّٰهُ يَقُولُ الْحَقَّ وَ هُوَ يَهْدِي السَّبِيلَ

«الباب الرابع و السبعون و ثلاثمائة»في معرفة منزل الرؤية

و الرؤية و سوابق الأشياء في الحضرة الربية و أن للكفار قدما كما إن للمؤمنين قدما و قدوم كل طائفة على قدمها و آتية بإمامها عدلا و فضلا من الحضرة المحمدية

من كان في ظلمة الأكوان كان له حكم العناية دون الخلق أجمعه
و نال كشف غطاء الحس من كتب و أبصر الكل مفتوحا بموضعه
يجري على السنة البيضاء سيرته يشاهد الحق مربوطا بمهيعه

[إن اللّٰه تعالى جعل العرش محل أحدية الكلمة]

اعلم أيدك اللّٰه بالشهود و جعلك من أهل الجمع و الوجود إن اللّٰه تعالى لما جعل العرش محل أحدية الكلمة و هو الرحمن لا غيره و خلق الكرسي فانقسمت فيه الكلمة إلى أمرين ليخلق من كل شيء زوجين : ليكون أحد الزوجين متصفا بالعلو و الآخر بالسفل الواحد بالفعل و الآخر بالانفعال فظهرت الشفيعة من الكرسي بالفعل و كانت في الكلمة الواحدة بالقوة ليعلم أن الموجود الأول أنه و إن كان واحد العين من حيث ذاته فإن له حكم نسبة إلى ما ظهر من العالم عنه فهو ذات وجودية و نسبة فهذا أصل شفيعة العالم و لا بد من رابط معقول بين الذات و النسبة حتى تقبل الذات هذه النسبة فظهرت الفردية بمعقولية الرابط فكانت الثلاثة أول الأفراد و لا رابع في الأصل فالثلاثة أول الأفراد في العدد إلى ما لا يتناهى و الشفيعة المعبر عنها بالاثنين أول الأزواج إلى ما لا يتناهى في العدد فما من شفع إلا و يوتره واحد يكون بذلك فردية ذلك الشفع و ما من فرد إلا و يشفعه واحد يكون به شفعية ذلك الفرد فالأمر الذي يشفع الفرد و يفرد الشفع هو الغني الذي له الحكم و لا يحكم عليه و لا يفتقر و يفتقر إليه فتدلت إلى الكرسي القدمان لما انقسمت فيه الكلمة الرحمانية فإن الكرسي نفسه به ظهرت قسمة الكلمة لأنه الثاني بعد العرش المحيط من صور الأجسام الظاهرة في الجوهر الأصل و هما شكلان في الجسم الكل الطبيعي فتدلت إليه القدمان فاستقرت كل قدم في مكان ليس هو المكان الذي استقرت فيه الأخرى و هو منتهى استقرارهما فسمى المكان الواحد جهنما و الآخر جنة و ليس بعدهما مكان تنتقل إليه هاتان القدمان فهاتان القدمان لا يستمدان إلا من الأصل الذي منه ظهرت و هو الرحمن فلا يعطيان إلا الرحمة فإن النهاية ترجع إلى الأصل بالحكم غير أنه بين البدء و النهاية طريق ميز ذلك الطريق بين البداية و الغاية و لو لا تلك الطريق ما كان بدء و لا غاية فكان سفرا للأمر النازل بينهن و السفر مظنة التعب و الشقاء فهذا سبب ظهور ما ظهر في العالم دنيا و آخرة و برزخا من الشقاء و عند انتهاء الاستقرار يلقى عصا التسيار و تقع الراحة في دار القرار و البوار فإن قلت فكان ينبغي عند الحلول في الدار الواحدة المسماة نارا أن توجد الراحة و ليس الأمر كذلك قلنا صدقت و لكن فإنك نظر و ذلك أن المسافرين على نوعين مسافر يكون سفره كإقامة بما هو فيه من الترفه من كونه مخدوما حاصلة له جميع أغراضه في محفة محمول على أعناق الرجال محفوظ من تغير الأهواء فهذا مثله في الوصول إلى المنزل مثل أهل الجنة في الجنة و مسافر يقطع الطريق على قدميه قليل الزاد ضعيف المؤنة إذا وصل إلى المنزل بقيت معه بقية التعب و المشقة زمانا حتى تذهب عنه ثم يجد الراحة فهذا مثل من يتعذب و يشقى في النار التي هي منزله ثم تعمه الرحمة التي وَسِعَتْ كُلَّ شَيْءٍ و مسافر بينهما ليست له رفاهية صاحب الجنة و لا شظف صاحب النار فهو بين راحة و تعب فهي الطائفة التي تخرج من النار بشفاعة الشافعين و بإخراج أرحم الراحمين و هم على طبقات فلذلك يكون فيهم المتقدم و المتأخر بقدر ما يبقى معهم من التعب فيزول في النار شيئا بعد شيء فإذا انتهت مدته خرج إلى محل الراحة و هو الجنة إما بشفاعة شافع و إما بالإخراج العام و هو إخراج أرحم الراحمين فالأنبياء و المؤمنون يشفعون في أهل الايمان و أهل الايمان طائفتان منهم المؤمن عن نظر و تحصيل

اسم الکتاب : الـفتوحات المکیة المؤلف : ابن عربي، محيي الدين    الجزء : 3  صفحة : 462
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست