responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : الـفتوحات المکیة المؤلف : ابن عربي، محيي الدين    الجزء : 3  صفحة : 461

الحق من كونه مؤمنا لا يمكن أن يخلص مع هذا الاسم شقاوة ما فيها رحمة هذا مما لا يتصور فإن الرحمة بالعالم أصل ذاتي بالوجود و الشقاء أمر عارض لأن سببه عارض و هو مخالفة التكليف و التكليف عارض و لا بد من رفعه فترتفع العوارض لرفعه و لو بعد حين و فيه علم تغيير الحكم المشروع بتغيير الأحوال في المكلف و فيه علم الموازين المعنوية التي توزن بها المعاني و المحسوسات و موازين الآخرة هل هي إقامة العدل بالحكم في العالم بحيث أن يعلم العالم كله أنه ما طرأ عليه جور في الحكم عليه بما حكم اللّٰه به عليه أو هل هي محسوسة كالموازين المحسوسة في الدنيا لوزن الأشياء و إذا كانت حاسة البصر تدرك الموازين في الآخرة المحسوسة عندها هل هي محسوسة كما يدركها الحس أو ممثلة كتمثل الأعمال فإن الأعمال أعراض و هي في الآخرة أشخاص فتعلم أنها ممثلة لأن الحقائق لا تنقلب و حقيقة من لا يقوم بنفسه مغايرة حقيقة من يقوم بنفسه فلا بد أن تكون ممثلة كما

ورد في الخبر النبوي أن الموت يؤتى به في صورة كبش أملح و لم يقل يؤتى به كبشا أملح و الموت عرض بل نسبة فلا بد أن تكون العبارة عنه كما وردت في الخبر النبوي و فيه علم ما هي الأولية في اليوم فإنه دائرة و لا بد للدائرة من ابتداء و انتهاء إلى ذلك الابتداء فإن اليوم دورة واحدة للفلك الأطلس و قد انفصل بالليل و النهار بطلوع الشمس و غروبها و أول اليوم الذي تعين بالأرض عند حركة الفلك كان بالحمل ثم ظهر أول اليوم بطلوع الشمس إلى غروبها و لم يكن لها وجود إلا في برج الحمل فإنه بيت شرفها فوجدت طالعة في برج الحمل فظهر أول اليوم و الصبح آخر اليوم و ما بينهما ليل و نهار و هما معلومان بالطلوع و الغروب و لذلك ما أخذ اللّٰه من أخذه من الأمم إلا في آخر اليوم و ذلك لاستيفاء الحركة كما يتربص بالعنين انقضاء فصول السنة و حينئذ يفرق بينه و بين المرأة أعني زوجته لأن أسباب التأثير الإلهي المعتاد في الطبيعة قد مرت على العنين و ما أثرت فيه فدل إن العنة فيه لا تزول فعدمت فائدة النكاح من لذة و تناسل ففرق بينهما إذ كان النكاح للالتذاذ و التناسل معا أو في حق طائفة أخرى لكذا و في أخرى لكذا و في حق أخرى للمجموع و كذلك إذا انتهت دورة اليوم وقع الأخذ الإلهي في آخره و فيه علم تجسد الأرواح في صور الأجسام الطبيعية هل عين ذلك الروح هو عين الصورة التي ظهر فيها أو هل ذلك في عين الرائي كما ذكرناه في زرقه السماء أو هل الروح لتلك الصورة كالروح للجسم أعني النفس الناطقة و تلك الصورة صورة حقيقة لها وجود عيني لا في عين الناظر كسائر الصور الحقيقية و هذه مسألة أغفلها كثير من الناس بل الناس كلهم فإنهم قنعوا بما ظهر لهم من صور الأرواح المجسدة فلو تر و حنوا في نفوسهم و حكموا بالصور على أجسامهم و تبدلت أشكالهم و صورهم في عين من يراهم علموا عند ذلك تجسد الأرواح لما ذا يرجع فإنه علم ذوق لا علم نظر فكري و قد بينا أن كل صورة تجسدت في العالم فلا بد لها من روح مدبرة من الروح الكل المنفوخ منه في الصور و من علم إن الصورة المتجسدة في الأرواح إذا قتلت إن كانت حيوانا أو قطعت إن كانت نباتا أنها تنتقل إلى البرزخ و لا بد كما تنتقل نحن بالموت و إنها إن أدركت بعد ذلك فإنما تدرك كما يدرك كل ميت من الحيوان إنسان و غير إنسان فمن هنا أيضا إذا وقفت على علم هذا علمت صور الأرواح المتجسدة لما ذا ترجع و فيه علم ما للضيف الوارد من الحق على من ورد عليه و الأنفاس واردات الحق على العبد و لها حق و هي راجعة إلى من وردت منه فلينظر بما ذا يستقبلها إذا وردت و ما يلزمه من الأدب معها في الأخذ لما ترد به و ما يخلع عليها إذا انقلبت عنه راجعة إلى الحق و فيه علم العادات و خرقها و دفع الشبه التي يراها الطبيعيون أنها تفعل لذاتها و ما هي الطبيعة في الحقيقة و لمن ترجع الآثار الظاهرة في الكون و فيه علم شرف الحيوان على الإنسان الحيواني و فيه علم الجبر في الاختيار و فيه علم إدخال الحق نفسه مع الأكوان في السلوك و الأحوال هل دخل معهم للحفظ أو دخل معهم لكونه العامل لما هم فيه أو دخل معهم صحبة و عناية بهم أو تقتضي ذاته ذلك الدخول معهم و فيه علم العبيد و الأحرار و ما الأعمال التي تطلب الأجور و ممن تطلب فإن العامل ما يعمل إلا لنفسه فبما ذا يستحق الأجرة من غيره و فيه علم أسباب التجارة التي هي مخصوصة بالحياة و فيه علم خواص الأسماء الإلهية من حيث تركيب حروف ذلك الاسم حتى إذا ترجم بلسان آخر لم يكن له تلك الخاصية فإنه لا فرق بين مزاج حروف الكلمة إذا تركبت و مزاج أجسام المعدن أو النبات أو جسم الحيوان فإن جسم الحيوان هو جسم نباتي أضيف إليه حس فقيل حيوان

اسم الکتاب : الـفتوحات المکیة المؤلف : ابن عربي، محيي الدين    الجزء : 3  صفحة : 461
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست