responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : الـفتوحات المکیة المؤلف : ابن عربي، محيي الدين    الجزء : 3  صفحة : 457

لمحمد ص و لا آدم و الصورة الآدمية الطبيعية الإنسانية لآدم و لا صورة لمحمد ص و على آدم و على جميع النبيين فآدم أبو الأجسام الإنسانية و محمد ص أبو الورثة من آدم إلى خاتم الأمر من الورثة فكل شرع ظهر و كل علم أنما هو ميراث محمدي في كل زمان و رسول و نبي من آدم إلى يوم القيامة و لهذا أوتي جوامع الكلم و منها علم اللّٰه آدم الأسماء كلها فظهر حكم الكل في الصورة الآدمية و الصورة المحمدية فهي في آدم أسماء و في محمد ص كلم و كلمات اللّٰه سبحانه لا تنفد و موجوداته من حيث جوهرها لا تبعد و إن ذهبت صورها و تبدلت أحكامها فالعين لا تذهب و لا تتبدل بل وقع التبديل في العالم لما هو الحق عليه من التحول في الصور فلو لم يظهر التبدل في العالم لم يكمل العالم فلم تبق حقيقة إلهية إلا و للعالم استناد إليها على أن تحقيق الأمر عند أهل الكشف إن عين تبدل العالم هو عين التحول الإلهي في الصور فعين كونه فيما شاء تجلى عين كونه فيما شاء ركبك ف‌ مٰا تَشٰاؤُنَ إِلاّٰ أَنْ يَشٰاءَ اللّٰهُ فتلك على الحقيقة مشيئة اللّٰه لا مشيئتك و أنت تشاء بها فالحياة لعين الجوهر و الموت لتبدل الصور كل ذلك لِيَبْلُوَكُمْ بالتكليف أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلاً و إنما يبلوكم لتصح نسبة الاسم الخبير فهو علم عن خبرة يعلم و لا خبرة لإقامة حجة على من خلق فيه النزاع و الإنكار و هذا كله من تفصيل الآيات في الخطاب و في الأعيان ف‌ هُوَ الْحَكِيمُ الْخَبِيرُ و هُوَ الْعَزِيزُ الْغَفُورُ فلو كشف لكل أحد ما كشفه لبعض العالم لم يكن غفورا و لا كان فضل لأحد على أحد إذ لا فضل إلا بمزيد العلم كان بما كان فالعالم كله فاضل مفضول فاشترك أعلى العلماء مع أنزلهم في علم الصنعة فالعالم صنعة اللّٰه و العلم بصنعة الحياكة علم الحائك و هو صنعته و ذلك في العموم أنزل العلوم و في الخصوص علم الصنعة أرفع العلوم لأنه بالصنعة ظهر الحق في الوجود فهي أعظم دليل و أوضح سبيل و أقوم قيل و من هنا ظهر خواص اللّٰه الأكابر في الحكم بصورة العامة فجهلت مرتبتهم فلا يعرفهم سواهم و ما لهم مزية في العالم بخلاف أصحاب الأحوال فإنهم متميزون في العموم مشار إليهم بالأصابع لما ظهر عليهم بالحال من خرق العوائد و أهل اللّٰه اتقوا من ذلك لاشتراك غير الجنس معهم في ذلك فأهل اللّٰه معلومون بالمقام مجهولون بالشهود لا يعرفون كما أن اللّٰه الذي هو لأهله معلوم بالفطرة عند كل أحد مجهول عنده بالعقل و الشهود فلو تجلى له ما عرفه بل لم يزل متجليا على الدوام لكنه غير معلوم إلا عند أهله و خاصته و هم أهل القرآن أهل الذكر الذين أمرنا اللّٰه أن نسألهم لأنهم ما يخبرون إلا عنه قال تعالى فَسْئَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لاٰ تَعْلَمُونَ لأن أهل الذكر هم جلساء الحق فما يخبر الذاكر الذي يشهد اللّٰه فيه أنه ذاكر له إلا عن جليسه فيخبر بالأمر على ما هو عليه و ذلك هو العلم فإنه عَلىٰ بَيِّنَةٍ مِنْ رَبِّهِ وَ يَتْلُوهُ شٰاهِدٌ مِنْهُ و هو ظهوره بصورته أي الذي أتى به من العلم عن اللّٰه فهو صفته التي بها تجلى هذا الشخص الذاكر فعلى قدر ذكره يكون الحق دائم الجلوس معه و لذلك

قالت عائشة رضي اللّٰه عنها في رسول اللّٰه ص إنه كان يذكر اللّٰه على كل أحيانه فأثبتت له المجالسة مع اللّٰه تعالى على الدوام فأما علمت بذلك كشفا و إما أخبرها بذلك رسول اللّٰه ص و كان ذلك في جلوسه معه أنه يقص عليه من أنباء الرسل ما يثبت به فؤاده : لما يرى من منازعة أمته إياه فيما جاء به عن اللّٰه و لو لم يكن عنده بهذه المثابة و أمثالها لم يكن بينه و بين غيره من البشر فرقان فإنه تعالى معهم حيثما كانوا و أَيْنَ مٰا كٰانُوا فلا بد أن يكون مع الذاكرين له بمعية اختصاص و ما ثم إلا مزيد علم به يظهر الفضل فكل ذاكر لا يزيد علما في ذكره بمذكوره فليس بذاكر و إن ذكر بلسانه لأن الذاكر هو الذي يعمه الذكر كله فذلك هو جليس الحق فلا بد من حصول الفائدة لأن العالم الكريم الذي لا يتصور فيه بخل لا بد أن يهب جليسه أمرا لم يكن عنده إذ ليس هنالك بخل ينافي الجود فلم يبق إلا المحل القابل و لا يجالس إلا ذو محل قابل فذلك هو جليس الحق و العالم جليسهم الحق من حيث لا يشعرون و غاية العامة إذا كانت مؤمنة أن تعلم أن اللّٰه معها و الفائدة إنما هي أن تكون أنت مع اللّٰه لا في أنه معك فكذلك هو الأمر في نفسه فمن كان مع الحق فلا بد أن يشهد الحق و من شهده فليس إلا وجود العلم عنده فهذه هي المنح الإلهية

فالعلم أشرف ما يؤتيه من منح و الكشف أعظم منهاج و أوضحه
فإن سألت إله الحق في طلب فسله كشفا فإن اللّٰه يمنحه

اسم الکتاب : الـفتوحات المکیة المؤلف : ابن عربي، محيي الدين    الجزء : 3  صفحة : 457
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست