responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : الـفتوحات المکیة المؤلف : ابن عربي، محيي الدين    الجزء : 3  صفحة : 458



و أد من القرع إن الباب أغلقه دعوى الكيان وجود اللّٰه يفتحه
فكل علم لا يكون حصوله عن كشف بعد فتح الباب يعطيه الجود الإلهي و يبديه و يوضحه فهو شعور لا علم لأنه حصل من خلف الباب و الباب مغلق و ليس الباب سواك فأنت بحكم معناك و مغناك و ذلك هو غلق الباب فإنك تشعر أن خلف هذا الجسم و الصورة الظاهرة معنى آخر لا تعلمه و إن شعرت به فالصورة الظاهرة المصراع الواحد و النفس المصراع الآخر فإذا فتحت الباب تميز المصراع من المصراع و بدا لك ما وراء الباب فذلك هو العلم فما رأيته إلا بالتفصيل لأنك فصلت ما بين المصراعين حتى تميز هذا فيك فإن كان الباب عبارة عن حق و خلق و هو أنت و ربك فالتبس عليك الأمر فلم يتميز عينك من ربك فلا تميزه ما لم يفتح الباب فعين الفتح يعطيك المعرفة بالباب و الفرق بين المصراعين فتعلم ذاتك و تعلم ربك و هو قوله ص من عرف نفسه عرف ربه فالشعور مع غلق الباب و العلم مع فتح الباب فإذا رأيت العالم متهما لما يزعم أنه به عالم فليس بعالم و ذلك هو الشهور و إن ارتفعت التهمة فيما علم فذلك هو العلم و يعلم أنه قد فتح الباب له و أن الجود قد أبرز له ما وراء الباب و كثير من الناس من يتخيل أن الشعور علم و ليس كذلك و إنما حظ الشعور من العلم إن تعلم أن خلف الباب أمرا ما على الجملة لا يعلم ما هو و لذلك قال تعالى وَ مٰا عَلَّمْنٰاهُ الشِّعْرَ لقولهم هو شاعر ثم قال وَ مٰا يَنْبَغِي لَهُ إِنْ هُوَ يعني هذا الذي بعثناه به إِلاّٰ ذِكْرٌ أي أخذه عن مجالسة من الحق وَ قُرْآنٌ مُبِينٌ أي ظاهر مفصل في عين الجمع ما أخذه عن شعور فإنه كل ما عينه صاحب الشعور في المشعور به فإنه حدس و لو وافق الأمر و يكون علما فما هو فيه على بصيرة في ذلك و ليس ينبغي لعاقل أن يدعو إلى أمر حتى يكون من ذلك الأمر على بصيرة و هو أن يعلمه رؤية و كشفا بحيث لا يشك فيه و ما اختصت بهذا المقام رسل اللّٰه بل هو لهم و لأتباعهم الورثة و لا وارث إلا من كمل له الاتباع في القول و العمل و الحال الباطن خاصة فإن الوارث يجب عليه ستر الحال الظاهر فإن إظهاره موقوف على الأمر الإلهي الواجب فإنه في الدنيا فرع و الأصل البطون و لهذا احتجب اللّٰه في العموم في الدنيا عن عباده و في الآخرة يتجلى عامة لعباده فإذا تجلى لمن تجلى له على خصوصه كتجليه للجبل كذلك ما ظهر من الحال على الرسل من جهة الدلالة على صدقه ليشرع لهم و الوارث داع لما قرره هذا الرسول و ليس بمشرع فلا يحتاج إلى ظهور الحال كما احتاج إليه المشرع فالوارث يحفظ بقاء الدعوة في الأمة عليها و ما حظه إلا ذلك حتى إن الوارث لو أتى بشرع و لا يأتي به و لكن لو فرضناه ما قبلته منه الأمة فلا فائدة لظهور الحال إذا لم يكن القبول كما كان للرسول فاعلم ذلك فما أظهر اللّٰه عليهم من الأحوال فذلك إلى اللّٰه لا عن تعمل و لا قصد من العبد و هو المسمى كرامة في الأمة فالذي يجهد فيه ولي اللّٰه و طالبه إنما هو فتح ذلك الباب ليكون من اللّٰه في أحواله عند نفسه على بصيرة لا أنه يظهر بذلك عند خلقه فهو عَلىٰ نُورٍ مِنْ رَبِّهِ و ثابت في مقامه لا يزلزله إلا هو فكرامة مثل هذا النوع علمه بالله و ما يتعلق به من التفصيل في أسمائه الحسنى و كلماته العليا فيعلم ما يلج في أرض طبيعته من بذر ما بذر اللّٰه فيها حين سواها و عدلها و ما يخرج منها من العبارات عما فيها و الأفعال العملية الصناعية على مراتبها لأن الذي يخرج عن الأرض مختلف الأنواع و ذلك زينة الأرض فما يخرج عن أرض طبيعة الإنسان و جسده فهو زينة له من فصاحة في عبارة و أفعال صناعية محكمة كما يعلم ما ينزل من سماء عقله بما ينظر فيه من شرعه في معرفة ربه و ذلك هو التنزيل الإلهي على قلبه و ما يعرج فيها من كلمه الطيب على براق العمل الصالح الذي يرفعه إلى اللّٰه كما قال تعالى إِلَيْهِ يَصْعَدُ الْكَلِمُ الطَّيِّبُ و هو ما خرج من الأرض وَ الْعَمَلُ الصّٰالِحُ يَرْفَعُهُ و هو ما أخرجته الأرض أيضا فالذي يَنْزِلُ مِنَ السَّمٰاءِ هو الذي يَلِجُ فِي الْأَرْضِ و الذي يخرج من الأرض و هو ما ظهر عن الذي ولج فيها هو الذي يعرج في السماء فعين النازل هو عين الوالج و عين الخارج هو عين العارج فالأمر ذكر و أنثى و نكاح و ولادة فأعيان موجودة و أحكام مشهودة و آجال محدودة و أفعال مقصودة منها ما هي مذمومة بالعرض و هي بالذات محمودة

[التفصيل لا يظهر في الوجود إلا بالعمل]

ثم اعلم أن التفصيل لا يظهر في الوجود إلا بالعمل فإن فصله العامل على تفصيله في الإجمال الحكمة فهو العمل الصالح و إن فصله على غير ذلك بالنظر إلى تفصيل الإنسان فيه فذلك العمل غير الصالح و أكثر ما يكون العمل غير الصالح في

اسم الکتاب : الـفتوحات المکیة المؤلف : ابن عربي، محيي الدين    الجزء : 3  صفحة : 458
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست