responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : الـفتوحات المکیة المؤلف : ابن عربي، محيي الدين    الجزء : 3  صفحة : 439

وَ لَقَدْ عَلِمْتُمُ النَّشْأَةَ الْأُولىٰ فَلَوْ لاٰ تَذَكَّرُونَ و نُنْشِئَكُمْ فِي مٰا لاٰ تَعْلَمُونَ فإذا أَخْرَجَتِ الْأَرْضُ أَثْقٰالَهٰا و حدثت أنها ما بقي فيها مما اختزنته شيء جيء بالعالم إلى الظلمة التي دون الجسر فألقوا فيها حتى لا يرى بعضهم بعضا و لا يبصرون كيف التبديل في السماء و الأرض حتى تقع فتمد الأرض أولا مد الأديم و تبسط ف‌ لاٰ تَرىٰ فِيهٰا عِوَجاً وَ لاٰ أَمْتاً و هي الساهرة فلا نوم فيها فإنه لا نوم لأحد بعد الدنيا و يرجع ما تحت مقعر الفلك المكوكب جهنم و لهذا سميت بهذا الاسم لبعد قعرها فأين المقعر من الأرض و يوضع الصراط من الأرض علوا على استقامة إلى سطح الفلك المكوكب فيكون منتهاه إلى المرج الذي خارج سور الجنة و أول جنة يدخلها الناس هي جنة النعيم و في ذلك المرج المأدبة و هو درمكة بيضاء نقية منها يأكل أهل المأدبة و هو قوله تعالى في المؤمنين إذا أقاموا التوراة و الإنجيل من بنى إسرائيل وَ لَوْ أَنَّهُمْ أَقٰامُوا التَّوْرٰاةَ وَ الْإِنْجِيلَ وَ مٰا أُنْزِلَ إِلَيْهِمْ مِنْ رَبِّهِمْ لَأَكَلُوا مِنْ فَوْقِهِمْ وَ مِنْ تَحْتِ أَرْجُلِهِمْ فنحن أمة محمد ص نقيم كل ما أنزل إلينا من ربنا بالإيمان و به نعمل من ذلك بما أمرنا من العمل به و غيرنا من الأمم منهم من آمن كما آمنا و منهم من آمن ببعض و كفر ببعض فمن نجا منهم قيل فيه لَأَكَلُوا مِنْ فَوْقِهِمْ و هو ما خرج من فروع أشجار الجنان على السور فظلل على هذا المرج فقطفه السعداء و من تحت أرجلهم هو ما أكلوه من الدر مكة البيضاء التي هم عليها و وضع الموازين في أرض الحشر لكل مكلف ميزان يخصه و ضرب بسور يسمى الأعراف بين الجنة و النار و جعله مكانا لن اعتدلت كفتا ميزانه فلم ترجح إحداهما على الأخرى و وقفت الحفظة بأيديهم الكتب التي كتبوها في الدنيا من أعمال المكلفين و أقوالهم ليس فيها شيء من اعتقادات قلوبهم إلا ما شهدوا به على أنفسهم بما تلفظوا به من ذلك فعقلوها في أعناقهم بأيديهم فمنهم من أخذ كتابه بيمينه و منهم من أخذه بشماله و منهم من أخذه من وراء ظهره و هم الذين نبذوا الكتاب في الدنيا وَرٰاءَ ظُهُورِهِمْ وَ اشْتَرَوْا بِهِ ثَمَناً قَلِيلاً و ليس أولئك إلا الأئمة الضلال المضلون الذين ضلوا و أضلوا و جيء بالحوض يتدفق ماء عليه من الأواني على عدد الشاربين منه و لا تزيد و لا تنقص ترمي فيه أنبوبات أنبوب ذهب و أنبوب فضة و هو لزيق بالسور و من السور تنبعث هذان الأنبوبان فيشرب منه المؤمنون و يؤتى بمنابر من نور مختلفة في الإضاءة و اللون فتنصب في تلك الأرض و يؤتى بقوم فيقعدون عليها قد غشيتهم الأنوار لا يعرفهم أحد في رحمة الأبد عليهم من الخلع الإلهية ما تقر به أعينهم و يأتي مع كل إنسان قرينه من الشياطين و الملائكة و تنشر الألوية في ذلك اليوم للسعداء و الأشقياء بأيدي أئمتهم الذين كانوا يدعونهم إلى ما كانوا يدعونهم إليه من حق و باطل و تجتمع كل أمة إلى رسولها من آمن منهم به و من كفر و تحشر الأفراد و الأنبياء بمعزل من الناس بخلاف الرسل فإنهم أصحاب العساكر فلهم مقام يخصهم و قد عين اللّٰه في هذه الأرض بين يدي عرش الفصل و القضاء مرتبة عظمى امتدت من الوسيلة التي في الجنة يسمى ذلك المقام المحمود و هو لمحمد ص خاصة و تأتي الملائكة ملائكة السموات ملائكة كل سماء على حدة متميزة عن غيرها فيكونون سبعة صفوف أهل كل سماء صف و الروح قائم مقدم الجماعة و هو الملك الذي نزل بالشرائع على الرسل ثم يجاء بالكتب المنزلة و الصحف و كل طائفة ممن نزلت من أجلها خلفها فيمتازون عن أصحاب الفترات و عمن تعبد نفسه بكتاب لم ينزل من أجله و إنما دخل فيه و ترك ناموسه لكونه من عند اللّٰه و كان ناموسه عن نظر عقلي من عاقل مهدي ثم يأتي اللّٰه عز و جل على عرشه و الملائكة الثمانية تحمل ذلك العرش فيضعونه في تلك الأرض و الجنة عن يمين العرش و النار من الجانب الآخر و قد علمت الهيبة الإلهية و غلبت على قلوب أهل الموقف من إنسان و ملك و جان و وحش فلا يتكلمون إلا همسا بإشارة عين و خفي صوت و ترفع الحجب بين اللّٰه و بين عباده و هو كشف الساق و يأمرهم داعي الحق عن أمر اللّٰه بالسجود لله فلا يبقى أحد سجد لله خالصا على أي دين كان إلا سجد السجود المعهود و من سجد اتقاء و رياء خر على قفاه و بهذه السجدة يرجح ميزان أصحاب الأعراف لأنها سجدة تكليف فيسعدون و يدخلون الجنة و يشرع الحق في الفصل و الحكم بين عباده فيما كان بينهم و أما ما كان بينهم و بين اللّٰه فإن الكرم الإلهي قد أسقطه فلا يؤاخذ اللّٰه أحدا من عباد اللّٰه فيما لم يتعلق به حق للغير و قد ورد من أخبار

اسم الکتاب : الـفتوحات المکیة المؤلف : ابن عربي، محيي الدين    الجزء : 3  صفحة : 439
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست