responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : الـفتوحات المکیة المؤلف : ابن عربي، محيي الدين    الجزء : 3  صفحة : 440

الأنبياء ع في ذلك اليوم ما قد و رد على ألسنة الرسل و دون الناس فيه ما دونوا فمن أراد تفاصيل الأمور فلينظرها هنالك ثم تقع الشفاعة الأولى من محمد ص في كل شافع أن يشفع فيشفع الشافعون و يقبل اللّٰه من شفاعتهم ما شاء و يرد من شفاعتهم ما شاء لأن الرحمة في ذلك اليوم يبسطها اللّٰه في قلوب الشفعاء فمن رد اللّٰه شفاعته من الشافعين لم يردها انتقاصا بهم و لا عدم رحمة بالمشفوع فيه و إنما أراد بذلك إظهار المنة الإلهية على بعض عباده فيتولى اللّٰه سعادتهم و رفع الشقاوة عنهم فمنهم من يرفع ذلك عنه بإخراجهم من النار إلى الجنان و قد ورد و شفاعته بشفاعة أرحم الراحمين عند المنتقم الجبار فهي مراتب أسماء إلهية لا شفاعة محققة فإن اللّٰه يقول في ذلك اليوم شفت الملائكة و النبيون و المؤمنون و بقي أرحم الراحمين فدل بالمفهوم أنه لم يشفع فيتولى بنفسه إخراج من يشاء من النار إلى الجنة و نقل حال من هو من أهل النار من شقاء الآلام إلى سعادة إزالتها فذلك قدر نعيمه و قد يشاء و يملأ اللّٰه جهنم بغضبه المشوب و قضائه و الجنة برضاه فتعم الرحمة و تنبسط النعمة فيكون الخلق كما هم في الدنيا على صورة الحق فيتحولون لتحوله و آخر صورة يتحول إليها في الحكم في عباده صورة الرضاء فيتحول الحق في صورة النعيم فإن الرحيم و المعافي أول من يرحم و يعفو و ينعم على نفسه بإزالة ما كان فيه من الحرج و الغضب على من أغضبه ثم سرى ذلك في المغضوب عليه فمن فهم فقد أمناه و من لم يفهم فسيعلم و يفهم فإن المال إليه و اللّٰه من حيث يعلم نفسه و من هويته و غناه فهو على ما هو عليه و إنما هذا الذي وردت به الأخبار و أعطاه الكشف إنما ذلك أحوال تظهر و مقامات تشخص و معان تجسد ليعلم الحق عباده معنى الاسم الإلهي الظاهر و هو ما بدا من هذا كله و الاسم الإلهي الباطن و هو هويته و قد تسمى لنا بهما فكل ما هو العالم فيه من تصريف و انقلاب و تحول في صور في حق و خلق فذلك من حكم الاسم الظاهر و هو منتهى علم العالم و العلماء بالله و أما الاسم الباطن فهو إليه لا إلينا و ما بأيدينا منه سوى لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ على بعض وجوه محتملاته إلا أن أوصاف التنزيه لها تعلق بالاسم الباطن و إن كان فيه تحديد و لكن ليس في الإمكان أكثر من هذا فإنه غاية الفهم عندنا الذي يعطيه استعدادنا و أما قوله تعالى وَ إِنْ مِنْكُمْ إِلاّٰ وٰارِدُهٰا فإن الطريق إلى الجنة عليها فلا بد من الورود فإذا لم يبق في أرض الحشر من أهل الجنة أحد عاد كله نارا أي دار النار و إن كان فيها زمهرير فجهنم من مقعر فلك الكواكب إلى أسفل سافلين

«الفصل السادس»في جهنم و أبوابها و منازلها و دركاتها

اعلم أن جهنم تحوي على السموات و الأرض على ما كانت عليه السماء و الأرض إذ كانتا رتقا فرجعت إلى صفتها من الرتق و الكواكب كلها فيها طالعة و غاربة على أهل النار بالحرور و الزمهرير بالحرور على المقرورين بعد استيفاء المؤاخذة بما أجرموا و بالزمهرير على المحرورين ليجدوا في ذلك نعيما و لذة ما لهم من النعيم إلا ذلك و هو دائم عليهم أبدا و كذلك طعامهم و شرابهم بعد انقضاء مدة المؤاخذة يتناولون من شجرة الزقوم لكل إنسان بحسب ما يبرد عنه ما كان يجده أو يسخنه كالظمآن بحرارة العطش فيجد ماء باردا فيجد له من اللذة لاذهابه لحرارة العطش و كذلك ضده و أبوابها سبعة بحسب أعضاء التكليف الظاهرة لأن باب القلب مطبوع عليه لا يفتح من حين طبع اللّٰه عليه عند ما أقر له بالربوبية و على نفسه بالعبودية فللنار على الأفئدة اطلاع لا دخول لغلق ذلك الباب فهو كالجنة حفت بالمكاره فما ذكر اللّٰه من أبواب النار إلا السبعة التي يدخل منها الناس و الجان و أما الباب المغلق الذي لا يدخل عليه أحد هو في السور فباطنه فيه الرحمة بإقراره بوجود اللّٰه ربا له و عبودته لربه و ظاهره من قبله العذاب و هي النار التي تطلع على الأفئدة و أما منازلها و دركاتها و خوخاتها فعلى ما ذكرناه في الجنة على السواء لا تزيد و لا تنقص و ليس في النار نار ميراث و لا نار اختصاص و إنما ثم نار أعمال فمنهم من عمرها بنفسه و عمله الذي هو قرينه و من كان من أهل الجنة بقي عمله الذي كان في الدنيا على صورته في المكان من النار الذي لو كان من أهلها صاحب ذلك العمل لكان فيه فإنه من ذلك المكان كان وجود ذلك العمل و هو خلاف ما كلف من فعل و ترك فعاد إلى وطنه كما عاد الجسم عند الموت إلى الأرض التي خلق منها و كل شيء إلى أصله يعود و إن طالت المدة فإنها أنفاس معدودة و آجال مضروبة محدودة يبلغ الكتاب فيها أجله و يرى كل

اسم الکتاب : الـفتوحات المکیة المؤلف : ابن عربي، محيي الدين    الجزء : 3  صفحة : 440
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست