responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : الـفتوحات المکیة المؤلف : ابن عربي، محيي الدين    الجزء : 3  صفحة : 438

حدث اليوم بدورة الفلك الأطلس كما حدث الزمان بمقارنة الحوادث عند السؤال بمتى و الزمان و اليوم و الليل و النهار و فصول السنة كلها أمور عدمية نسبية لا وجود لها في الأعيان و أوحى في كل سماء أمرها و جعل إمضاء الأمور التي أودعها السموات في عالم الأركان عند سباحة هذه الجواري و جعلهم نوابا متصرفين بأمر الحق لتنفيذ هذه الأمور التي أخذوها من خزائن البروج في السنة بكمالها و قدر لها المنازل المعلومة التي في الفلك المكوكب و جعل لها اقترابات و افتراقات كل ذلك بتقدير العزيز العليم و جعل سيرها في استدارة و لهذا سماها أفلاكا و جعل في سطح السماء السابعة الضراح و هو البيت المعمور و شكله كما رسمته في الهامش و خلق في كل سماء عالما من الأرواح و الملائكة يعمرونها فأما الملائكة فهم السفراء النازلون بمصالح العالم الذي ظهر في الأركان و المصالح أمور معلومة و ما يحدث عن حركات هذه الكواكب كلها و عن حركة الأطلس لا علم لهؤلاء السفراء بذلك حتى تحدث فلكل واحد منهم مقام معلوم لا يتعداه و باقي العالم شغلهم التسبيح و الصلاة و الثناء على اللّٰه تعالى و بين السماء السابعة و الفلك المكوكب كراسي عليها صور كصور المكلفين من الثقلين و ستور مرفوعة بأيدي ملائكة مطهرة ليس لهم إلا مراقبة تلك الصور و بأيديهم تلك الستور فإذا نظر الملك إلى الصور قد سمجت و تغيرت عما كانت عليه من الحسن أرسل الستر بينها و بين سائر الصور فلا يعرفون ما طرأ و لا يزال الملك من اللّٰه مراقبا تلك الصورة فإذا رأى تلك الصورة قد زال عنها ذلك القبح و حسنت رفع الستر فظهرت في أحسن زينة و تسبيح تلك الصور و هؤلاء الأرواح الملكية الموكلة بالستور سبحان من أظهر الجميل و ستر القبيح و أطلع أهل الكشف على هذا ليتخلقوا بأخلاق اللّٰه و يتأدبوا مع عباد اللّٰه فيظهرون محاسن العالم و يسترون مساويهم و بذلك جاءت الشرائع من عند اللّٰه فإذا رأيت من يدعي الأهلية لله و يكون مع العالم على خلاف هذا الحكم فهو كاذب في دعواه و بهذا و أمثاله تسمى سبحانه بالغافر و الغفور و الغفار و لما كون اللّٰه ملكوته مما ذكرناه خلق آدم بيديه من الأركان و جعل أعظم جزء فيه التراب لبرده و يبسه و أنزله خليفة في أرضه التي خلق منها و قد كان خلق قبله الجان من الأركان و جعل أغلب جزء فيه النار و كان من أمر آدم و إبليس و الملائكة ما وصف اللّٰه لنا في القرآن فلا يحتاج إلى ذكر ذلك و أمسك اللّٰه صورة السماء على السماء لأجل الإنسان الموحد الذي لا يمكن أن ينفي فذكره اللّٰه اللّٰه لأنه ليس في خاطره إلا اللّٰه فما عنده أمر آخر يدعي عنده ألوهية فينفيه بلا إله إلا اللّٰه فليس إلا اللّٰه الواحد الأحد و لهذا

قال رسول اللّٰه ص لا تقوم الساعة حتى لا يبقى على وجه الأرض من يقول اللّٰه اللّٰه و هو الذكر الأكبر الذي قال اللّٰه فيه وَ لَذِكْرُ اللّٰهِ أَكْبَرُ فما قال الرسول ص من يقول لا إله اللّٰه فهذا الاسم هو هجير هذا الإمام الذي يقبض آخرا و تقوم الساعة فتنشق السماء فإن هذا و أمثاله كان العمد لأن اللّٰه ما أمسكها من أجله أَنْ تَقَعَ عَلَى الْأَرْضِ و لذلك قال فيها إنها وٰاهِيَةٌ أي واقعة ساقطة ثم ما زالت النواب تتحرك في طرقها و الصور تظهر بالاستحالات في عالم الأركان دنيا و برزخا و آخرة إلى أن يرث اللّٰه اَلْأَرْضَ وَ مَنْ عَلَيْهٰا فلا يبقى إلا ما في الآخرة و هو يوم القيامة و الداران الجنة و النار و لكل واحدة منهما ملؤها من الجن و الإنس و مما شاء اللّٰه و في الجنة قدم الصدق و في النار قدم الجبار و هما القدمان اللتان في الكرسي و قد مر من الكلام في هذا الفن من هذا الكتاب ما فيه غنية للعاقل و بلغة زاد للمسافر توصله إلى مقصوده

«الفصل الخامس»في أرض الحشر و ما تحوي عليه من العالم

و المراتب و عرش الفصل و القضاء و حملته و صفوف الملائكة عليها بين يدي الحكم العدل

[الفرق بين نشأة الدنيا الظاهرة و بين نشأة الآخرة الظاهرة]

اعلم أن اللّٰه تعالى إذا نفخ في الصور و بعث ما في القبور و حشر الناس و الوحوش وَ أَخْرَجَتِ الْأَرْضُ أَثْقٰالَهٰا و لم يبق في بطنها سوى عينها إخراجا لا نباتا و هو الفرق بين نشأة الدنيا الظاهرة و بين نشأة الآخرة الظاهرة فإن الأولى أنبتنا فيها من الأرض فنبتنا نباتا كما ينبت النبات على التدريج و قبول الزيادة في الجرم طولا و عرضا و نشأة الآخرة إخراج من الأرض على الصورة التي يشاء الحق أن يخرجنا عليها و لذلك علق المشيئة بنشر الصورة التي أعادها في الأرض الموصوفة بأنها تنبت فتنبت على غير مثال لأنه ليس في الصور صورة تشبهها فكذلك نشأة الآخرة يظهرها اللّٰه على غير مثال صورة تقدمت تشبهها و ذلك قوله كَمٰا بَدَأَكُمْ تَعُودُونَ

اسم الکتاب : الـفتوحات المکیة المؤلف : ابن عربي، محيي الدين    الجزء : 3  صفحة : 438
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست