responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : الـفتوحات المکیة المؤلف : ابن عربي، محيي الدين    الجزء : 3  صفحة : 363

تقول أنا هو فمدلول هو ما هو مدلول أنا فما يتخلص لك ما ترومه أبدا و إذا عز عن التخلص فقل به و قل بك و تميز عنه و ميزه عنك تميز الأول عن الآخر و الآخر عن الأول و تميز عن العالم و ميزه عنك تميز الظاهر من الباطن و الباطن من الظاهر فإنك من العالم روح العالم و العالم صورتك الظاهرة و لا معنى للصورة بلا روح فلا معنى للعالم دونك فإذا ميزت عينك من الحق و من العالم عرفت قدرك بمعرفة الحق و عرفت منزلتك بمعرفة العالم

فكنت لذا ربا و كنت لذا عبدا و أنزلت عهدا مثل ما أنزل العهدا
فإن كنت ذا لب و غوص و فطنة فلا تلتزم ذما و لا تلتزم حمدا
و لا تفعلن شيئا إذا ما فعلته بسهو و حرر عند فعلتك القصدا
فما أنت ذاك الشخص إن كان سهوكم يغالبكم فاعمد إلى تركه عمدا
فهذا الذي أنبأتك به مفتاح من مفاتح خزائن الجود فلا تضيعه فإنه يعمل عمل كل مفتاح و لا يعمل مفتاح عمله فبه يفتح كل مغلق و لا يفتح بغيره ما أغلقه هذا المفتاح و مفتاح الغيب لاٰ يَعْلَمُهٰا إِلاّٰ هُوَ فلا تعلم إلا منه فلا تطمع أن تصل إلى علمها بك و من طمع في غير مطمع فقد شهد على نفسه بالجهل وَ لَهُ الْمَثَلُ الْأَعْلىٰ فِي السَّمٰاوٰاتِ وَ الْأَرْضِ و ما ثم الا سماء و أرض وَ لَهُ الْمَثَلُ الْأَعْلىٰ فله صورة في كل سماء و أرض وَ هُوَ الَّذِي فِي السَّمٰاءِ إِلٰهٌ وَ فِي الْأَرْضِ إِلٰهٌ و هُوَ اللّٰهُ فِي السَّمٰاوٰاتِ وَ فِي الْأَرْضِ يَعْلَمُ سِرَّكُمْ من كونه في الأرض وَ جَهْرَكُمْ من كونه في السماء و من حيث النشأة يعلم سركم من كونه في السماء و هو معناكم الذي خفي عن الأبصار عينه و ظهر حكمه و له العلو فهو في السماء و هو الباطن و يعلم أيضا جهركم من كونه في الأرض و هو ظاهركم الذي ظهر للابصار عينه و خفي حكمه لأن حكمه في روحه فإنه الذي تفيده العلوم بحواسه فله النزول فهو الأرض فهو الظاهر

فقد بان أن الحق بالحق ينطق و أن الذي قلناه أمر محقق
فلا تعدلن إن كنت للحق طالبا فعكس الذي قلناه لفظ ملفق
فيقول العبد الكامل الذي لا أكمل منه لي وقت لا يسعني فيه غير ربي و يقول الأصل لي وقت لا يسعني فيه غير نفسي فإن الأوقات كلها استغرقها العالم في الجانبين و لهذا كان الإنسان الكامل خليفة له تعالى فلهذا سبق علمه بنفسه على علمه بربه و بهذا

جاء الخبر من عرف نفسه عرف ربه فإن من استخلفه علم العالم من علمه بنفسه و الخليفة على صورة من استخلفه فعلم ربه من علمه بنفسه و علم إن كل من اتصف بالوجود فهو متناه أي كل ما دخل في الوجود و بقيت الحيرة في العلم بالله من كونه موجودا هل يتصف بالتناهي لكونه موجودا أو لا يتصف بالتناهي فإن أرادوا بالتناهي كون عين الموجود موصوفا بالوجود فهو متناهى كما هو كل موجود و إن عينه موجودة و إن أرادوا بالتناهي انتهاء مدة وجوده ثم ينقطع فهذا لا يصح عقلا في الحق لأنه واجب الوجود لذاته فلا يقبل التناهي وجوده و لأن بقاءه ليس بمرور المدد عليه المتوهمة فهو محال من وجهين تناهيه و كذلك في أهل الآخرة أعني في أعيانهم و في الدار الآخرة سمعا و لا يتناهى بقاؤهم في الآخرة و لا استمرار المدد عليهم فنسبة البقاء إلى اللّٰه تخالف نسبة البقاء للعالم فالإطلاق في العلم و الحصر في الوجود

كل ما في الكون محصور و الذي في العلم مطلق
فتدبر قول حبر بوجوده تحقق
إن علمي بوجودي من وجود الحق أسبق
فإذا علمت كوني جاء علم اللّٰه يلحق

[إن العالم لا بقاء له إلا بالله تعالى]

و لما كان العالم لا بقاء له إلا بالله و كان النعت الإلهي لا بقاء له إلا بالعالم كان كل واحد رزقا للآخر به يتغذى لبقاء وجوده محكوما عليه بأنه كذا

فنحن له رزق تغذى بكوننا كما أنه رزق الكيان بلا شك
فيحفظنا كونا و نحفظ كونه إلها و هذا القول ما فيه من إفك

اسم الکتاب : الـفتوحات المکیة المؤلف : ابن عربي، محيي الدين    الجزء : 3  صفحة : 363
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست