responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : الـفتوحات المکیة المؤلف : ابن عربي، محيي الدين    الجزء : 3  صفحة : 362



بمن أو إلى من علق الفقر و الغني فسل بالذي قام الوجود خبيرا
فإذا كان الوجود أول خزائن الجود و أعطاك الحق مفتاح هذه الخزانة كالذي كان عرفك بك فعرفته فأنت أول معلوم و هو آخر معلوم و أنت آخر موجود و هو أول موجود فإنه ليس في قوتك إن تعلم المعدوم لأن العلم شهود و إن لم يكن كذلك فليس بعلم هذا هو الحق الذي لاٰ رَيْبَ فِيهِ هُدىً لِلْمُتَّقِينَ فأوجد من كل خزانة عينا قائمة أو عينا في عين أو لا عينا في عين و أعني بقولي لا عين في عين النسب فإنه ليست لها أعيان و حكمها يحكم على الوجود لا عيان بها و لا وجود لها إلا بالحكم فلما أوجد ما ذكرناه عمد إليك فأوجدك كاملا لانتهاء طرفي الدائرة فظهرت في وجودك و إن كنت آخرا بصورة الأول فانحصر العالم بينك و بينه فلا مخلص له منكما فلم نتميز عنه و لا تميز عنك في الحكم و ظهرت فيك صور العالم كلها التي أخرجها من تلك الخزائن فشاهدتك فحصل لك العلم بها فعلمت من العالم ما لم يعلم العالم من نفسه من الحكم فردا فردا و قال لك كلما بقي في الخزائن مما لا يتناهى فهو مثل ما علمت فمن أحاط علما بواحد من الجنس فقد أحاط علما بالجنس فإنه ما ثم إلا أمثال فما التقى طرفا الدائرة حتى حدث المحيط و دل المحيط على نقطة الدائرة فحدثت الخطوط من النقطة إلى المحيط و لم تتجاوزه فإن انتهاء الخط إنما يكون إلى نقطة من المحيط فانتهى إلى ما منه خرج فصورة أوليته عين صورة آخريته فيصير من حكم نقطة آخره الذي انتهى إليها من المحيط من كذا إلى محيط آخر نصفه من داخل المحيط الأول و نصفه من خارجه لحكم الظاهر و الباطن و يلتقي طرفاه أيضا كالتقاء المحيط الأول حتى يكون على صورته لأنه من المحال أن يخرج على غير صورته ثم يظهر من الحكم في المحيط ما ظهر في المحيط الأول إلى ما لا يتناهى و هو ما يبرز من تلك الخزائن الذي لا يتناهى ما تحوي عليه و هو الخلق الجديد الذي الكون فيه دائما أبدا و بعض الناس أو أكثر الناس في لبس من ذلك كما قال تعالى بَلْ هُمْ فِي لَبْسٍ مِنْ خَلْقٍ جَدِيدٍ مع الأنفاس و لكن بصورة ما ذكرناه فالنقطة سبب في وجود المحيط و المحيط سبب في حصول العلم بالنقط فالمحيط حق و خلق و النقطة حق و خلق فهذان حكمان يسريان في كل دائرة ظهرت من الدائرة الأولى و لما ظهرت الدوائر بالغا ما بلغت و لا تزال تظهر صارت الدائرة الأولى التي أحدثت هذه الدوائر خفية لا تعرف و لا تدرك لأن كل دائرة قربت منها أو بعدت عنها فهي على صورتها فكل دائرة يقال فيها تشهدها ما تشهدها فهذا هو غيب في شهادة فالدوائر الظاهرة في الدائرة الأولى عددها مساو لعدد خزائن الأجناس كانت ما كانت لا يزاد فيها و لا ينقص منها و ما يخرج و يحدث عنها من الدوائر إلى ما لا يتناهى دوائر أشخاص تلك الأجناس إلى ما لا يتناهى و تدل عين دائرة الشخص على أمر يسمى نوعا و هو ما بين الجنس و الشخص فيحدث عندك أنواع في أنواع و لكن منحصرة و لا تعرف إلا من الأشخاص لأن النوع معقول بين الجنس الأعم و الشخص و كل متوسط بين طرفين إن شئت قلت إن الطرفين أظهرا له حكم التوسط و إن شئت قلت إن التوسط أظهر حكم الطرفين و هذا عين معرفة الحق بالخلق و الخلق بالحق

فلو لا شهود الخلق بالحق لم يكن و لو لا شهود الحق بالخلق لم تكن
فمن قال كن فهو الذي قد شهدته و ما ثم إلا من يكون بقول كن
فمن علمه بالخلق يعرف حقه و من علمه بالحق كان و لم يكن
فالمحيط يحفظ النقطة علما و النقطة تحفظ المحيط وجودا فكل واحد منهما حافظ محفوظ و لاحظ ملحوظ قال تعالى وَ شٰاهِدٍ وَ مَشْهُودٍ فالكل مشهود و شاهد و الكل فاضل و مفضول فإن قال أحدهما أنا قال الآخر أنا و إن قال أحدهما أنت قال الآخر له أنت فلا يظهر كل واحد للآخر إلا بما يبدأ به كل واحد و القولان صحيحان

فيا حقي و يا خلقي لمن تفني لمن تبقي
شربت شربة منه و قد غص بها حلقي
و ما ثم سوى عين فمن يقبل ما تلقى
فقال لي الذي أعني إذا ما قلت فاستبقي
فإن الأمر محصور بين الخلق و الحق
و لو لا ذاك ما كنا فأخف الذكر في الحق
فأنت يا ولي الذكر المنزل فأنت المحفوظ و ما نزل إلا بك فأنت الحافظ فلا تفن عينك فإنه في نفس الأمر ما يفنى و غايتك إن

اسم الکتاب : الـفتوحات المکیة المؤلف : ابن عربي، محيي الدين    الجزء : 3  صفحة : 362
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست