responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : الـفتوحات المکیة المؤلف : ابن عربي، محيي الدين    الجزء : 3  صفحة : 290

لها صح افتقارها إليه و صح غناه عنها فقبوله عليها قبول جود و كرم فالسبحات الوجهية انتشرت على أعيان الممكنات و انعكست فأدرك نفسه و أنوار الشيء لا تحرقه و الممكن في حال عدمه لا يقبل الحرق فلو اتصف بالوجود احترق وجوده لرجوع الوجود إلى من له الوجود فبقيت الممكنات على حقيقة شيئية ثبوتها و ظهر بالسبحات الوجهية كثرة الممكنات في مرآة الحق أدركها الحق في ذاته بنوره على ما تستحقه الممكنات من الحقائق التي هي عليها فذلك ظهور العالم و بقاؤه فالحكمة في النظر و في كيفية ما يدركه البصر و ما ذا يدرك و من يدرك و اللّٰه الموفق

ففي الحق عين الخلق إن كنت ذا عين و في الخلق عين الحق إن كنت ذا عقل
فإن كنت ذا عين و عقل معا فما ترى غير شيء واحد فيه بالفعل
فإن خيال الكون أوسع حضرة من العقل و الإحساس بالبذل و الفضل
له حضرة الأشكال في الشكل فاعتبر تراه يرد الكل في قبضة الشكل
فإن قلت كل فهو جزء معين و إن قلت جزء قام للكل بالكل
فما ثم مثل غيره متحقق بموجده فهو الممثل للمثل
فعلمي به أحلى إذا ما طعمته و أشهى إلى أذواقنا من جنى النحل
و هنا يظهر لك توحيد الإلحاق فإن الرائي لما ظهرت أعيان الممكنات في مرآة ذاته أدركها في نفسه بنوره فلحق المرئي بالرائي حيث أدركه في ذاته و هو واحد في الوجود لأن الممكنات المرئية منعوتة في هذه الحالة بالعدم فلا وجود لها مع ظهورها للرائي كما ذكرناه فسمى هذا الظهور توحيد إلحاق أي ألحق الممكن بالواجب في الوجوب فأوجب للممكن ما هو عليه الواجب لنفسه من النسب و الأسماء فله الإيجاد على الإطلاق ما عدا نفسه تعالى و للخيال الإيجاد على الإطلاق ما عدا نفسه فالخيال موجد لله عز و جل في حضرة لوجود الخيالي و الحق موجد للخيال في حضرة الانفعال الممثل

فالكل يدخل تحت الحصر أجمعه و ليس ثم سوى من ليس يمتنع
فأعجب لمنفعل في ذات فاعله يكن بها فاعلا و الكل قد جمعوا
على وجود الذي قلناه من عجب و كلهم بالذي جئنا به قطعوا
و إذا ثبت إلحاق الخيال في قوة الإيجاد بالحق ما عدا نفسه فهو على الحقيقة المعبر عنه بالإنسان الكامل فإنه ما ثم على الصورة الحقية مثله فإنه يوجد في نفسه كل معلوم ما عدا نفسه و الحق نسبة الموجودات إليه مثل هذه النسبة فتوحيد الإلحاق توحيد الخيال مع كونه من الموجودات الحادثة إلا أن له هذا الاختصاص الإلهي الذي أعطته حقيقته فما قبل شيء من المحدثات صورة الحق سوى الخيال فإذا تحققت ما قلناه علمت أنه في غاية الوصلة و هذا يسمى توحيد الوصلة و الاتصال و الوصل كيف شئت قل فلم يفرق في هذا التوحيد بين المثلين إلا بكونهما مثلين لا غير فهما كما قال القائل

رق الزجاج و رقت الخمر فتشاكلا فتشابه الأمر
فكأنما خمر و لا قدح و كأنما قدح و لا خمر
فمن شدة الاتصال يقول هو هو ظهر في موطنين معقولين لو لا الموطنان ما عرفت ما حكمت به من التمييز بين المثلين فما خرج شيء من الموجودات عن التشبيه و لهذا قال لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ فأتى بكاف الصفة ما هي الكاف زائدة كما ذهب إليه بعض الناس ممن لا معرفة له بالحقائق حذرا من التشبيه فنفى إن يماثل المثل غير من هو مثله فنفى المثل عن مثل المماثل نفي المثل عن المماثل فهذه أنوار مندرجة بعضها في بعض

مثل اندراج المثل في المثل في صورة العين و في الشكل
و هو على التحقيق في ذاته مثل اندراج الظل في الظل
فهنا قد ذكرنا شيئا يسيرا مما يحوي عليه هذا المنزل و فيه من العلوم سوى ما ذكرناه علم منزلة علم اللّٰه من اللّٰه و أين

اسم الکتاب : الـفتوحات المکیة المؤلف : ابن عربي، محيي الدين    الجزء : 3  صفحة : 290
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست