responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : الـفتوحات المکیة المؤلف : ابن عربي، محيي الدين    الجزء : 3  صفحة : 291

هي من منزلة غيره من الصفات المنسوبة إليه و لم يزاحمها في الموجودات و فيه علم الفرض المنزل و أين هو من علم الفرض المستنبط من المنزل و فيه علم الأدلة و البراهين العقلية التي تحكم على موجدها بما تستحقه و تصديقه إياها سبحانه فيما حكمت به عليه فإن اللّٰه ما نصب بعض الآيات إلا لأولي الألباب و هم الذين يعقلون معانيها بما ركب فيهم سبحانه من القوة العقلية و جعل نفس العقل للعقل آية و أعطاه القوة الذاكرة المذكرة التي تذكره ما كان تجلى له من الحق حتى عرفه شهودا و رؤية ثم أرسل حجب الطبيعة عليه ثم دعاه إلى معرفته بالدلالات و الآيات و ذكره إن نفسه أول دلالة عليه فلينظر فيها و فيه علم الحدود التي توجب للناظر العاقل الوقوف عندها فللظاهر حد و للباطن حد و للمطلع حد و للحد حد فمن وقف عند حد نفسه فأحرى إن يقف عند حد غيره فهذا الحد قد عم كل ما ذكرناه و ما هو الوجود عليه و لو لا الحدود ما تميزت المعلومات و لا كانت معلومات و لذلك لعن اللّٰه على لسان رسوله من غير منار الأرض يعني الحدود و لما اجتمع المثلان لأنفسهما و لم يتوقفا على تعيين موجدهما توجهت عليهما الأسماء الإلهية الحسنى بمائة درجة جنانية تحجبها مائة دركة جهنمية على مرائي من أهل الكشف فسعدا بهذا الاجتماع الذي أوجب لهما توجه العالم الأخراوي برمته و فيه علم اجتماع المثلين في الحكم النفسي و إلا فليسا بمثلين و فيه علم ما يشرك به الشيء من ليس مثله فهو مثله من ذلك الوجه الذي أشركه فيه خاصة و ينفصل عنه بأمور أخر له فيها أمثال فما ثم معلوم ما له مثل جملة واحدة فما ثم إلا أمثال و أشباه و لذلك ضرب اللّٰه الأمثال و نهى عن ضربنا الأمثال له و علل فقال إِنَّ اللّٰهَ يَعْلَمُ وَ أَنْتُمْ لاٰ تَعْلَمُونَ فمن علمه الحق ضرب الأمثال ضربها على علم فلا يضرب الأمثال إلا العلماء بالله الذين تولى اللّٰه تعليمهم و ليس إلا الأنبياء و الأولياء و هو مقام وراء طور العقل يريد أنه لا يستقل العقل بإدراكه من حيث ما هو مفكر فإن الذي عند العقل من العلم بالله من حيث فكره علم التنزيه و ضرب الأمثال تشبيه و موضع التشبيه من ضرب المثل دقيق لا يعرفه إلا من عرف المشبه و المشبه به و المشبه به غير معروف فالأمر الذي لتحقق منه ضرب المثل له مجهول فالنظر فيه من حيث الفكر حرام على كل مؤمن و هو في نفس الأمر ممنوع الوصول إليه عند كل ذي عقل سليم و فيه علم التربيع من حيث الشهود و فيه علم السبب الذي لأجله طلب من المدعي الدلالة على ما ادعاه و ذلك لأنه يريد التحكم بما ادعاه و التحكم صفة إلهية و المدعي فيه معنى الغيب و الشهادة فالشهادة ثابتة بعينها و لو لم يدعها لأغنى عينها فيه عند المشاهد عن الدعوى و الغيب يحتاج معه إلى إقامة البينة على ما ادعى و يعترض هنا أمر عظيم و هو المعترف بأمر يوجب الحد و اعترافه على نفسه دعوى و لا يطالب ببرهان بل تمضى فيه الحدود فقد خرج هذا المدعي بدعواه عن ميزان ما تطلبه الدعوى بحقيقتها و أما التحكم من المعترف بما ادعاه و إن كان كاذبا على نفسه في دعواه فإنه قد تحكم فيك إن تقيم عليه الحد الذي يتضمنه ما اعترف به و هنا دقائق تغيب عن أفهام أكثر العارفين فإن المعترف قد يكذب في اعترافه ليدفع بذلك في زعمه ألما يعظم عنده على الألم الذي يحصل له من الاعتراف إذا أقيمت عليه حدوده و ذلك لجهله بما يؤول إليه أمره عند اللّٰه في ذلك و لجهله بما لنفسه عليه من الحق و اللّٰه يقول إنا لا نصلح منك شيئا أفسدته من نفسك فالحقوق و إن عظمت فحق اللّٰه أحق و يليه حق نفسك و ما خرج عن هذين الحقين فهين الخطب و فيه علم من اتخذ اللّٰه دليلا في أي موطن يتخذه و ما دعواه التي توجب له ذلك و فيه علم الآداب الإلهية و معرفة المواطن التي ينبغي أن يستعمل فيها و أكثر ما يظهر ذلك في باب الايمان بالله و فيه علم المواخاة بين الفضل الإلهي و الرحمة و هل بين الآلام و الرحمة مؤاخاة أم لا من باب دفع ألم كبير بألم دونه و فيه علم الأمر الذي يكرهه الطبع و يحمده الحق و ما يغلب من ذلك و من يجني ثمرة ذلك الكرة و مرارة تلك الفظاعة ذوقا و فيه علم تصريف الحكمة الإلهية في النوع الإنساني خاصة دون سائر المخلوقات و فيه علم ما ينبغي أن يكون عليه العاقل إذا رأى في الوجود ما يقضي له العقل بالوقوف عنده و العدول عما في الأخذ به من مذام الأخلاق و فيه علم ما لا يعلمه الإنسان في زعمه و هو في نفس الأمر على خلاف ذلك كيف يعلمه اللّٰه هل يعلمه كما هو عليه في نفسه أو كما هو في علم هذا العالم في زعمه و هي مسألة

اسم الکتاب : الـفتوحات المکیة المؤلف : ابن عربي، محيي الدين    الجزء : 3  صفحة : 291
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست