responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : الـفتوحات المکیة المؤلف : ابن عربي، محيي الدين    الجزء : 3  صفحة : 29

العقل إلى اللّٰه افتقار ذاتي و من اللّٰه إلى العقل إمداد ذاتي عن تجل إرادي فيعلم من علوم التفصيل في ذلك التجلي الإجمالي ما يزيده فقرا إلى فقره و عجزا إلى عجزه لا ينفك و لا يبرح على هذه الحالة فينزل الأمر الإلهي في ذلك التجلي الإرادي بالإمداد الذاتي إلى العقل فيظهر في التوجهات العقلية إلى التوجهات النفسية ذلك الأمر الإلهي بصورة عقلية بعد ما كان في صورة أسمائية فاختلفت على ذلك الأمر الإلهي الصور بحسب الموطن الذي ينزل إليه فينصبغ في كل منزل صبغة ثم ينزل ذلك الأمر الإلهي في الرقائق النفسية بصورة نفسية لها ظاهر و باطن و غيب و شهادة فتتلقاه الرقائق الشوقية العرشية فتأخذه منها فينصبغ في العرش صورة عرشية فينزل في المعارج إلى الكرسي على أيدي الملائكة و هو واحد العين غير منقسم في عالم الخلق و قد كان نزل من النفس إلى العرش منقسما انقسام عالم الأمر فلما انصبغ بأول عالم الخلق و هو العرش ظهر في وحدانيته الخلق و هو أول وحدانية الخلق و هو أول وحدانية الخلق فهو من حيث الأمر منقسم و من حيث الخلق واحد العين كالصوت الخارج من الصدر إلى خارج الفم عين واحدة لا يظهر فيه كمية أصلا فتقسمه المخارج إلى حروف متعددة تزيد على السبعين و هو عين ذلك الصوت الواحد فينصبغ ذلك الأمر الإلهي في الكرسي بصورة غير الصورة التي كان عليها و ما من صورة ينصبغ فيها و يظهر بها إلا و الأخرى التي كان عليها مبطونة فيه لا تزول عنه و الأولى أبدا من كل صورة روح للصورة التي تظهر فيها من أول الأمر إلى آخر منزل تلك الروح تمد هذه الصورة الظاهرة فينزل الأمر الإلهي من الكرسي على معراجه إلى السدرة إن كان لعالم السموات القصد و إن كان لعالم الجنان لم ينزل من ذلك الموضع و ظهر سلطانه في الجنان بحسب ما نزل إليه إما في حورها أو في أشجارها أو في ولدانها أو حيث عين له من الجنان فإذا نزل إلى السموات على معراجه نزلت معه ملائكة ذلك المقام النازل منه و معه قوى أنوار الكواكب لا تفارقه فتتلقاه ملائكة السدرة فتأخذه من الملائكة النازلة به و ترجع تلك الملائكة بما تعطيها ملائكة السدرة من الأمور الصاعدة من الأرض فتأخذها و ترجع بها و تبقي أرواح الكواكب معه فإن كان فيه مما تحتاج الجنة إليه من جهة ما فيها من النبات أخذته من السدرة العلية و فروعها في كل دار في الجنة و هي شجرة النور و إليها تنتهي حقائق الأشجار العلوية الجنانية و السفلية الأرضية و أصولها شجرة الزقوم و فروع أصلها كل شجر مر و سموم في عالم العناصر كما إن كل نبات طيب حلو المذاق فمن ظاهر السدرة في الدنيا و الجنة فهذه السدرة عمرت الدنيا و الآخرة فهي أصل النبات و النمو في جميع الأجسام في الدنيا و الجنة و النار و عليها من النور و البهاء بحيث أن يعجز عن وصفها كل لسان من كل عالم ثم إن الأمر الإلهي يتفرع في السدرة كما تتفرع أغصان الشجرة و يظهر فيه صور الثمرات بحسب ما يمده من العالم الذي ينزل إليه و قد انصبغ بصورة السدرة فينزل على المعراج إلى السماء الأولى فيتلقاه أهلها بالترحيب و حسن القبول و الفرح و يتلقاه من أرواح الأنبياء و الخلق الذين قبضت أرواحهم بالموت و كان مقرها هنالك و تتلقاهم الملائكة المخلوقة من همم العارفين في الأرض و تجد هنالك نهر الحياة يمشي إلى الجنة فإن كان له عنده أمانة و لا بد منها في كل أمر إلهي فإن الأمر الإلهي يعم جميع الموجودات فيلقيه في ذلك النهر مثل ما أعطى السدرة فيجري به النهر إلى الجنان و في كل نهر يجده هنالك مما يمشي إلى الجنة و هنالك يجد النيل و الفرات فيلقي إليهما ما أودع اللّٰه عنده من الأمانة التي ينبغي أن تكون لهما فتنزل تلك البركة في النهرين إلى الأرض فإنهما من أنهار الأرض و يأخذ أرواح الأنبياء و ملائكة الهمم و عمار السماء الأولى منه ما بيده مما نزل به إليهم و يدخل البيت المعمور فيبتهج به و تسطع الأنوار في جوانبه و تأتي الملائكة السبعون ألفا الذين يدخلونه كل يوم و لا يعودون إليه أبدا و هم ملائكة قد خلقهم اللّٰه من قطرات ماء نهر الحياة فإن جبريل ع ينغمس في نهر الحياة كل يوم غمسته فيخرج فينتفض كما ينتفض الطائر فيقطر منه في ذلك الانتفاض سبعون ألف قطرة يخلق اللّٰه من كل قطرة ملكا كما يخلق الإنسان من الماء في الرحم فيخلق سبعين ألف ملك من تلك السبعين ألف قطرة بسبعين ألف ملك الذين يدخلون البيت المعمور كل يوم

قال رسول اللّٰه ص في الحديث الصحيح في البيت المعمور إنه يدخله كل يوم سبعون ألف ملك لا يعودون إليه أبدا فانظر ما أوسع

اسم الکتاب : الـفتوحات المکیة المؤلف : ابن عربي، محيي الدين    الجزء : 3  صفحة : 29
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست