responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : الـفتوحات المکیة المؤلف : ابن عربي، محيي الدين    الجزء : 3  صفحة : 30

ملك اللّٰه ثم ينصب المعراج من السماء الأولى إلى السماء الثانية فينزل فيه الأمر الإلهي و هو على صورة السماء الأولى فينصبغ بصورة المعراج الذي ينزل فيه و معه الملائكة الموكلون به من السماء الأولى و معه أرواح البروج و الكواكب الثابتة كلها و ينزل معه ملك من قوة كيوان لا بد من ذلك فإذا وصل إلى السماء الثانية تلقته ملائكتها و ما فيها من أرواح الخلائق المتوفين و ملائكة الهمم و قوة بهرام الذي في السماء الثانية فيعطيهم ما بيده لهم و ينزل إلى الثالثة و هو على صورة الثانية فينصبغ بصورة السلم الذي ينزل فيه و الحال الحال مثل ما ذكرنا إلى أن ينتهي إلى السماء السابعة و هي السماء الدنيا فإذا أدى إليهم ما بيده لهم و معه قوة صاحب كل سماء فتحت أبواب السماء لنزوله و نزلت معه قوى جميع الكواكب الثوابت و السيارة و قوى الأفلاك و قوى الحركات الفلكية كلها و كل صورة انتقل عنها مبطونة فيه فكل أمر إلهي ينزل فهو اسم إلهي عقلي نفسي عرشي كرسي فهو مجموع صور كل ما مر عليه في طريقه فيخترق الكور و يؤثر في كل كرة بحسب ما تقبله طبيعتها إلى أن ينتهي إلى الأرض فيتجلى لقلوب الخلق فتقبله بحسب استعداداتها و قبولها متنوع و ذلك هو الخواطر التي تجدها الناس في قلوبهم فبها يسعون و بها يشتهون و بها يتحركون طاعة كانت تلك الحركة أو معصية أو مباحة فجميع حركات العالم من معدن و نبات و حيوان و إنسان و ملك أرضي و سماوي فمن ذلك التجلي الذي يكون من هذا الأمر الإلهي النازل إلى الأرض فيجد الناس في قلوبهم خواطر لا يعرفون أصلها و هذا هو أصلها و رسله إلى جميع ما في العالم الذي نزل إليه ما نزل معه من قوى الكواكب و حركات الأفلاك فهؤلاء هم رسل هذا الأمر الإلهي إلى حقائق هؤلاء العالم فتنمو به الناميات و تحيي به أمور و يموت به أمور و يظهر التأثيرات العلوية و السفلية في كل عالم بتلك الرسل التي يرسلها في العالم هذا الأمر الإلهي فإنه كالملك فيهم و لا يزال يعقبه أمر آخر و يعقب الآخر آخر في كل نفس بتقدير العزيز العليم فإذا نفذ فيهم أمره و أراد الرجوع جاءته رسله من كل موجود بما ظهر من كل من بعثوا إليه صورا قائمة فيلبسها ذلك الأمر الإلهي من قبيح و حسن و يرجع على معراجه من حيث جاء إلى أن يقف بين يدي ربه اسما إلهيا ظاهرا بكل صورة فيقبل منها الحق ما شاء و يرد منها ما شاء على صاحبها في صور تناسبها فجعل مقر تلك الصور حيث شاء من علمه فلا يزال تتابع الرسل إلى الأرض على هذه المعارج كما ذكرنا فلنذكر من ذلك حال أهل اللّٰه مع هذا الأمر الإلهي إذا نزل إليهم و ذلك أن المحقق من أهل اللّٰه يعاين نزوله و تخلفه في الجو في الكور إذا فارق السماء الدنيا نازلا ثلاث سنين و حينئذ يظهر في الأرض فكل شيء يظهر في كل شيء في الأرض فعند انقضاء ثلاث سنين من نزوله من السماء في كل زمان فرد و من هنا ينطق أكثر أهل الكشف بالغيوب التي تظهر عنهم فإنهم يرونها قبل نزولها و يخبرون بما يكون منها في السنين المستقبلة و ما تعطيهم أرواح الكواكب و حركات الأفلاك النازلة في خدمة الأمر الإلهي فإذا عرف المنجم كيف يأخذ من هذه الحركات ما فيها من الآثار أصاب الحكم و كذلك الكاهن و العرافون إذا صدقوا و عرفوا ما يكون قبل كونه أي قبل ظهور أثر عينه في الأرض و إلا فمن أين يكون في قوة الإنسان أن يعلم ما يحدث من حركات الأفلاك في مجاريها و لكن التناسب الروحاني الذي بيننا و بين أرواح الأفلاك العالمين بما تجري به في الخلق ينزل بصورتها التي اكتسبته من تلك الحركات و الأنوار الكوكبية على أوزانها فإن لها مقادير ما تخطئ و همة هذا المنجم التعالي و همة هذا الكاهن قد انصبغت روحانيته بما توجهت إليه همته فوقعت المناسبة بينه و بين مطلوبه فأفاضت عليه روحانية المطلوب بما فيها في وقت نظره فحكم بالكوائن الطارئة في المستقبل و أما العارفون فإنهم عرفوا إن لله وجها خاصا في كل موجود فهم لا ينظرون أبدا إلى كل شيء من حيث أسبابه و إنما ينظرون فيه من الوجه الذي لهم من الحق فينظر بعين حق فلا يخطئ أبدا فإذا نزل الأمر الإلهي على قلب هذا العارف و قد لبس من الصور بحسب ما مر عليه من المنازل كما قررناه فأول صورة كان ظهر بها للعقل الأول صورة إلهية أسمائية و هي خلف هذه الصور كلها و هذا العارف همه أبدا مصروف إلى الوجه الخاص الإلهي الذي في كل موجود بعين الوجه الخاص الإلهي الذي لهذا العارف المحقق فينظر في ذلك الأمر من حيث

اسم الکتاب : الـفتوحات المکیة المؤلف : ابن عربي، محيي الدين    الجزء : 3  صفحة : 30
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست