responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : الـفتوحات المکیة المؤلف : ابن عربي، محيي الدين    الجزء : 3  صفحة : 278

آدَمَ الْأَسْمٰاءَ كُلَّهٰا و لم يذكر حقائق المسميات فعلم بعضا و لم يعلم بعضا فالمسميات هو قوله هؤلاء و هي المشار إليها في قوله تعالى أَنْبِئُونِي بِأَسْمٰاءِ هٰؤُلاٰءِ إِنْ كُنْتُمْ صٰادِقِينَ و أراد بالأسماء هنا الأسماء الإلهية التي استند إليها المشار إليهم بهؤلاء في إيجادهم و أحكامهم توبيخا للملائكة و تقريرا يقول هل سبحتموني بهذه الأسماء أو قدستموني بها حيث قالوا وَ نَحْنُ نُسَبِّحُ بِحَمْدِكَ وَ نُقَدِّسُ لَكَ فزكوا نفوسهم و جرحوا خليفة اللّٰه في أرضه و لم يكن ينبغي لهم ذلك و لكن لتعلم إن أحدا من العالم ما قدر اللّٰه حق قدره إذ لا أعلم من الملائكة بالله و ما ينبغي لجلاله من التعظيم و مع هذا قالوا أَ تَجْعَلُ فِيهٰا مَنْ يُفْسِدُ فِيهٰا فهذه الأداة هنا لا ينبغي أن تكون إلا من الأعلى في حق الأدنى مثل قوله تعالى أَ أَنْتَ قُلْتَ لِلنّٰاسِ اتَّخِذُونِي وَ أُمِّي إِلٰهَيْنِ مِنْ دُونِ اللّٰهِ بل أشد من هذا هو قولهم أَ تَجْعَلُ فِيهٰا مَنْ يُفْسِدُ فِيهٰا

لما رأوا جهة الشمال و لم يروا منه يمين القبضة البيضاء
فإن قوله أَ أَنْتَ قُلْتَ لِلنّٰاسِ قد يكون تقريرا للحجة على من عبد عيسى ع و أمه و قالوا إنهما إلهان فإذا قال عيسى ع في الجواب سُبْحٰانَكَ مٰا يَكُونُ لِي أَنْ أَقُولَ مٰا لَيْسَ لِي بِحَقٍّ و المدعي يسمع ذلك و قد علم بقرينة الحال و الموطن ذلك المدعي إن عيسى ليس من أهل الكذب و أن إنكاره لما ادعوه صحيح علمنا عند ذلك أنه تعالى أراد توبيخهم و تقريرهم فالاستفهام لعيسى ع و التقرير و التوبيخ لمن عبده فإن الاستفهام لا يصح من اللّٰه جملة واحدة و يصح منه تعالى التقرير لإقامة الحجة و التوبيخ فإن الاستفهام على الحقيقة لا يكون إلا ممن لا يعلم ما استفهم عنه و أما ظلمة البعد في قوله تعالى يٰا أَيُّهَا النّٰاسُ و يٰا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا و في مثل قوله تُوبُوا إِلَى اللّٰهِ جَمِيعاً أَيُّهَا الْمُؤْمِنُونَ و أمثاله فهذا من حكم الأسماء الإلهية إذ كان لكل وقت اسم إلهي له الحكم في عين ما من أعيان العالم فإن كان من الأسماء التي أحكامها تناقض حكم ما أمر به المكلف أو نهي عنه فإن الاسم الإلهي الذي يعطيهم موافقة ما أمر اللّٰه به هذا المخالف أو نهى عنه بعيد عنه فيناديه ليرجع إليه و يصغي إلى ندائه ليكون له الحكم فيه سواء كان الدعاء من قريب أو بعيد لكنه بالضرورة لعدم الموافقة فيما أمر اللّٰه به بعيد أ لا ترى الإشارة تكون مع القرب من المشير و المشار إليه إذا كان معهما ثالث لا يريد المخبر أو المخبر أو هما أن يعلم الثالث الحاضر ما يريد المخبر أن يلقيه إلى صاحبه فيشير إليه من حيث لا يعلم الثالث و الإشارة عند القوم نداء على رأس البعد و يقولون أيضا أبعدكم من اللّٰه أكثركم إشارة إليه و العلة في ذلك أنها تدل على الجهل بالله تعالى فلا فرق بينه في تلك الحالة و بين من لا يبلغه الصوت و تبلغه الإشارة فهذه كلها ظلمة قد حجبت الثالث عن علم ما بين الاثنين فهذه ظلمة الدعاء و الإشارة فاجعل بالك فإن اللّٰه قد نبه أقواما من عباده و أيه بهم على أمور بكلام لا يفهمه إلا المرادون به و هو الرمز قال تعالى أَلاّٰ تُكَلِّمَ النّٰاسَ ثَلاٰثَةَ أَيّٰامٍ إِلاّٰ رَمْزاً و أما ظلمة التسوية بين الأمرين فإنما سميت ظلمة لأن التسوية بين الأمرين محال لأن التسوية المحققة المثلية من جميع الوجوه لا من بعض الوجوه و لا من أكثرها محال بين الأمرين قال تعالى سَوٰاءٌ عَلَيْهِمْ أَ أَنْذَرْتَهُمْ أَمْ لَمْ تُنْذِرْهُمْ لأنهم قالوا سَوٰاءٌ عَلَيْنٰا أَ وَعَظْتَ أَمْ لَمْ تَكُنْ مِنَ الْوٰاعِظِينَ فكان اللّٰه حكى لنبيه ص و عرفه بأن حالهم ما ذكروه عن نفوسهم فهذه ظلمة قد تكون ظلمة جهل و قد تكون ظلمة جحد لهوى قام بهم و هو من أشد الظلم و لكن هذه كلها سدف سحرية بالنظر و الإضافة إلى ظلمة الجهل الذي هو نفي العلم من المحل بالكلية و هو

قوله فيها ما لا عين رأت و لا أذن سمعت و لا خطر على قلب بشر فنفى العلم و الطرق الموصلة إليه العلم بذلك فهذه أشد ظلمة في العالم إلي فإن اعتقاد الشيء على خلاف ما هو به قد علم الشيء و ما علم حقيقته أي علم في الجملة أن اسمه كذا ثم اعتقد فيه ما ليس هو عليه فقد اعتقد أمرا ما فظلمته دون ظلمة نفي العلم من المحل كما قال تعالى في أمثالهم وَ بَدٰا لَهُمْ مِنَ اللّٰهِ مٰا لَمْ يَكُونُوا يَحْتَسِبُونَ و هذه شائعة في الشقي و السعيد ففي السعيد فيمن مات على غير توبة و هو يقول بإنفاذ الوعيد فيغفر له فكان الحكم للمشيئة فسبقت بسعادتهم فتبين لهم عند ذلك أنهم اعتقدوا في ذلك الأمر خلاف ما هو ذلك الأمر عليه فإن الذي هو عليه إنما هو الاختيار و الذي عقدوا عليه كان عدم الاختيار فمثل هذا يسمى ظلمة الشبهة

يا بنى الزوراء ما لي و لكم إنني آل لمن لا يهتضم

اسم الکتاب : الـفتوحات المکیة المؤلف : ابن عربي، محيي الدين    الجزء : 3  صفحة : 278
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست