responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : الـفتوحات المکیة المؤلف : ابن عربي، محيي الدين    الجزء : 3  صفحة : 277

و المفكرة و المصورة و كل ما يقع به إدراك فليس إلا النور و أما المدركات فلو لا أنها في نفسها على استعداد به تقبل إدراك المدرك لها ما أدركت فلها ظهور إلى المدرك و حينئذ يتعلق بها الإدراك و الظهور نور فلا بد ان يكون لكل مدرك نسبة إلى النور بها يستعد إلى أن يدرك فكل معلوم له نسبة إلى الحق و الحق هو النور فكل معلوم له نسبة إلى النور فبالنور أدركت المحال و لو لا ظهور المحال و قبوله بما هو عليه في نفسه لأدرك المدرك ما أدركته و لهذا ينسحب على كل قسم من أقسام العقل كما ينسحب عليها أيضا أعني على الأقسام الوجوب فنقول محال على الواجب الوجود بالذات أن يقبل العدم و محال على الممكن أن يقبل الوجود الذاتي و محال على المحال أن يقبل الإمكان و كذلك تقول في الوجوب واجب للممكن أن يكون نسبة العدم إليه و الوجود نسبة واحدة و واجب للمحال أن لا يوصف بالإمكان و لا نقل مثل هذا في الإمكان لا تقل ممكن للمحال أن يكون على كذا أو على كذا و ممكن للواجب أن يكون على كذا أو على كذا فيدخل الممكن تحت حكم الواجب أو المحال و لا يدخل الواجب و لا المحال تحت حكم الممكن و لهذا لا يجوز أن يقال في الواجب إنه يمكن أن يفعل به كذا و لا يفعل و إنما الذي يقال و يصح أن يقال في الممكن إنه يمكن أن يفعل به كذا أو لا يفعل و هذه مسألة أغفلها كثير من الناس فقد علمت أنه ما ثم معلوم من محال أو غيره إلا و له نسبة إلى النور و لو لا ذلك النور الذي له إليه نسبة ما صح أن يكون معلوما فلا معلوم إلا اللّٰه و على الحقيقة فلا يدري أحد ما يقول و لا كيف تنسب الأمور مع كونه يعقلها و العبارات تقصر عن الإحاطة بها على وجهها فإن اللّٰه عليم بكل شيء من حيث ما لذلك الشيء من النور الذي به يكون معلوما و العدم و المحال معلومان

فلا شيء غير الشيء إذ ليس غيره فمن كونه نورا يحيط به العلم
فإذا حققت ما أشرنا إليه وقفت على حقائق المعلومات كيف هي في أنفسها في اتصافها بوجود أو عدم أو لا وجود و لا عدم أو نفي أو إثبات

فهذا هو العلم الغريب فإن تكن من أصحابه أنت الغريب و لا تدري
كما ثم من يدري بغربته و ذا أتم وجودا في مطالعة الأمر
فسبحان من أحيا الفؤاد بنوره و نوره بالفكر وقتا و بالذكر
و أما النور الذي لا يدرك و هو قوله ص نوراني أراه فإن ذلك لاندراج نور الإدراك فيه فلم يدركه لأنه ليس هو عنه بأجنبي فهو كالجزء عاد إلى كله إذ لا يصح اسم الكل عليه ما لم يحو على أجزائه فاندرج الجزء في الكل و ليس الكل غير أجزائه فالكل يدرك أجزاءه جزءا جزءا و الجزء لا يدرك الكل و لهذا يعلم الحق الجزئيات و لا تعلمه الجزئيات و إذا علم الجزء الكل فما يعلم منه إلا عين جزئيته فإنه علم كل في نفسه لنفسه و قد لا يعلم أنه جزء لكل و لهذا تتفاضل الناس في العلم فالعالم بالشيء من لم يبق له في ذلك المعلوم وجه إلا علمه منه و إلا فقد علم منه ما علم و أما النور الذي يدرك و يدرك به غيره فهو نور مكافئ لنور الإدراك فيصحبه و لا يندرج فيه فيدركه و يدرك به ما كشفه له و ما انكشف له ما انكشف إلا بالنورين نور الإدراك و نور المدرك و لو لا وجود نور الإدراك لما ظهرت الأشياء فلا يظهر شيء بنور المدرك من غير نور الإدراك و قد يظهر بعض الأشياء لنور الإدراك و لكن بنور المدرك و إن لم يدركه به كما قلنا في نسبة كل معلوم إلى النور الذي لولاه ما علم فالبصر يدرك به كما قلنا في نسبة كل معلوم إلى النور الذي لولاها ما علم فالبصر يدرك الظلمة نفسها و لا يدرك بها غيرها إذا كان الإدراك بالبصر خاصة

«وصل»و أما الظلم المعنوية

كظلمة الجهل فإنها مدركة للعالم ما لم تقم بالجاهل فإذا قامت به لم يدركها إذ لو أدركها كان عالما و ما عدا ظلمة الجهل من الظلم فإنها تدرك كلها ثم لتعلم أنه إن كان الجهل نفي العلم عن المحل بأمر ما فكل ما سوى اللّٰه جاهل أي ظلمة الجهل له لازمة لأنه ليس له علم بإحاطة المعلومات و لذلك أمر اللّٰه رسوله ص بطلب الزيادة من العلم فقال له وَ قُلْ رَبِّ زِدْنِي عِلْماً و إن كانت ظلمة الجهل عبارة عن اعتقاد الشيء على خلاف ما هو به أي شيء كان فأهل اللّٰه قد أخرجهم من هذه الظلمة فإنهم لا يعتقدون أمرا يكون في نفسه على خلاف ما يعتقدونه و قال تعالى وَ عَلَّمَ

اسم الکتاب : الـفتوحات المکیة المؤلف : ابن عربي، محيي الدين    الجزء : 3  صفحة : 277
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست