responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : الـفتوحات المکیة المؤلف : ابن عربي، محيي الدين    الجزء : 3  صفحة : 276

مركب من سطوح فهو مركب من خطوط و هي مركبة من نقط فغاية التركيب الجسم و الجسم ثمان نقط و ليس المعلوم من الحق إلا الذات و السبع الصفات فلا هي هو و لا هي غيره فما الجسم غير النقط و لا النقط غير الجسم و لا هي عينه و إنما قلنا ثمان نقط أقل الأجسام لأن اسم الخط يقوم من نقطتين فصاعدا و أصل السطح يقوم من خطين فصاعدا فقد قام السطح من أربع نقط و أصل الجسم يقوم من سطحين فصاعدا فقد قام الجسم من ثمان نقط فحدث للجسم اسم الطول من الخط و اسم العرض من السطح و اسم العمق من تركيب السطحين فقام الجسم على التثليث كما قامت نشأة الأدلة على التثليث كما إن أصل الوجود الذي هو الحق ما ظهر بالإيجاد إلا بثلاث حقائق هويته و توجهه و قوله فظهر العالم بصورة موجدة حسا و معنى فنور على نور و ظلمة فوق ظلمة لأنه في مقابلة كل نور ظلمة كما أنه في مقابلة كل وجود عدم فإن كان الوجود واجبا قابلة العدم الواجب و إن كان الوجود ممكنا قابلة العدم الممكن فالمقابل على صورة مقابله كالظل مع الشخص و اعلم ما نبهك اللّٰه عليه في قوله تعالى وَ مَنْ لَمْ يَجْعَلِ اللّٰهُ لَهُ نُوراً فَمٰا لَهُ مِنْ نُورٍ فالنور المجعول في الممكن ما هو إلا وجود الحق فكما وصف نفسه بأنه أوجب عليها ما أوجب من الرحمة و النصر في مثل قوله كَتَبَ رَبُّكُمْ عَلىٰ نَفْسِهِ الرَّحْمَةَ و قال وَ كٰانَ حَقًّا عَلَيْنٰا نَصْرُ الْمُؤْمِنِينَ كذلك وصف نفسه بالجعل في الممكن إذ لو لا النور ما وجد له عين و لا اتصف بالوجود فمن اتصف بالوجود فقد اتصف بالحق فما في الوجود إلا اللّٰه فالوجود و إن كان عينا واحدة فما كثره إلا أعيان الممكنات فهو الواحد الكثير فينقسم بحكم التبعية لأعيان الممكنات كما نحن في الوجود بحكم التبعية فلولاه ما وجدنا و لولانا ما تكثر بما نسب إلى نفسه من النسب الكثيرة و الأسماء المختلفة المعاني فالأمر الكل متوقف علينا و عليه فبه نحن و هو بنا و هذا كله من كونه إلها خاصة فإن الرب يطلب المربوب طلبا ذاتيا وجودا و تقديرا و اللّٰه غَنِيٌّ عَنِ الْعٰالَمِينَ لأنه لا دليل عليه سوى نفسه لأنه وصف نفسه بالغنى فإن غير الوجود الحادث ما تعرفه معرفة الحدوث و لا يتصف الممكن بالوجود حتى يكون الحق عين وجوده فإذا علمه من كونه موجودا فما علمه إلا هو فهو غني عن العالمين و العالم ليس بغني عنه جملة واحدة لأنه ممكن و الممكن فقير إلى المرجح فالحجب الظلمانية و النورية التي احتجب بها الحق عن العالم إنما هي ما اتصف به الممكن في حقيقته من النور و الظلمة لكونه وسطا و هو لا ينظر إلا لنفسه فلا ينظر إلا في الحجاب فلو ارتفعت الحجب عن الممكن ارتفع الإمكان و ارتفع الواجب و المحال لارتفاعه فالحجب لا تزال مسدلة و لا يمكن إلا هكذا أنظر إلى قوله في ارتفاع الحجب ما ذكر من إحراق سبحات الوجه ما أدركه بصره من خلقه و قد وصف نفسه بأن الخلق يراه و لا تحترق فدل على إن الحجب لم ترفع مع الرؤية فالرؤية حجابية و لا بد و الضمير في بصره يعود على ما و ما هنا عين خلقه فكأنه يقول في تقدير الكلام ما أدركه بصر خلقه فإنه لا شك أنه تعالى يدركنا اليوم ببصره تعالى و سبحات وجهه موجودة و الحجب إن كانت عينه فلا ترتفع و إن كانت خلقا فإن السبحات تحرقها فإنها مدركة لبصره من غير حجاب و لو احترقت الحجب احترقنا فلم نكن و نحن كائنون بلا شك فالحجب مسدلة فلو فهم الناس معنى هذا الخبر لعلموا نفوسهم و لو علموا نفوسهم لعلموا الحق و لو علموا الحق لاكتفوا به فلم ينظروا إلا فيه لا في ملكوت السموات و الأرض فإنهم إذا انكشف لهم الأمر علموا أنه عين ملكوت السموات و الأرض كما علمه الترمذي الحكيم فأطلق عليه عند هذا الكشف الإلهي اسم ملك الملك

فالأمر دوري و لا يعلم و الشأن محكوم و لا يحكم
فليس إلا اللّٰه لا غيره و ليس إلا كونه المحكم
فهو الذي يعلم وقتا كما يجهل في وقت و لا يعلم

«وصل» [لو لا النور ما أدرك شيء لا معلوم و لا محسوس]

و اعلم أيدك اللّٰه أن الأمر يعطي أنه لو لا النور ما أدرك شيء لا معلوم و لا محسوس و لا متحيل أصلا و تختلف على النور الأسماء الموضوعة للقوى فهي عند العامة أسماء للقوى و عند العارفين أسماء للنور المدرك به فإذا أدركت المسموعات سميت ذلك النور سمعا و إذا أدركت المبصرات سميت ذلك النور بصرا و إذا أدركت الملموسات سميت ذلك المدرك به لمسا و هكذا المتخيلات فهو القوة اللامسة ليس غيره و الشامة و الذائقة و المتخيلة و الحافظة و العاقلة

اسم الکتاب : الـفتوحات المکیة المؤلف : ابن عربي، محيي الدين    الجزء : 3  صفحة : 276
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست