responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : الـفتوحات المکیة المؤلف : ابن عربي، محيي الدين    الجزء : 3  صفحة : 267

من روح و صورة فمن حيث صورتها تدل بحكم المطابقة على الإنسان و من حيث روحها و معناها تدل بحكم المطابقة على اللّٰه و لنا حالة و له حالة و الأسماء تتبع تلك الأحوال فلنا التجريد عن الصور متى شئنا فالذي لنا من ذاتنا الصور و لكن من حقيقة ذاتنا أيضا التجرد عنها متى شئنا فتتبعنا الأسماء في حال تجريدنا من حيث أرواحها المجردة عن صورها و له التباس بالصور و هو بالذات غير صورة و بالذات أيضا يقبل التجلي لنا في الصور فتتبعه الأسماء عينها من حيث صورها إذا لبس الصورة متى شاء فالأمر بيننا و بينه على السواء مع الفرقان الموجود المحقق بأنه الخالق و نحن المخلوقون و هو اللّٰه و أنا الإنسان الخليفة فيشركنا في الخلافة لتحقق الصورة فإنه أمرنا أن تتخذه وكيلا و الوكالة خلافة فالمختص به الذي يتميز به عني الاسم اللّٰه صورة و معنى فإذا تجلى في الصورة انطلق عليه بحكم المطابقة صورة الاسم اللّٰه و إذا بقي على ما هو عليه من غير تقييد بصورة انطلق عليه روح الاسم اللّٰه و كذلك الإنسان هذا الاسم هو الذي يميزه عنه و له حالة البقاء على ما هي ذاته عليه من الصورة و له التجريد و لو لم يكن في العالم من هو على صورة الحق ما حصل المقصود من العلم بالحق أعني العلم الحادث في

قوله كنت كنزا لم أعرف فأحببت إن أعرف فخلقت الخلق و تعرفت إليهم فعرفوني فجعل نفسه كنزا و الكنز لا يكون إلا مكتنزا في شيء فلم يكن كنز الحق نفسه إلا في صورة الإنسان الكامل في شيئيته و ثبوته هناك كان الحق مكنوزا فلما كسا الحق الإنسان ثوب شيئية الوجود ظهر الكنز بظهوره فعرفه الإنسان الكامل بوجوده و علم أنه كان مكنوزا فيه في شيئية ثبوته و هو لا يشعر به فهذا قد أعلمتك بنسبة الأسماء إليه قال تعالى وَ عَلَّمَ آدَمَ الْأَسْمٰاءَ كُلَّهٰا و لفظة كل تقتضي الإحاطة و العموم و

قال رسول اللّٰه ص في دعائه ربه اللهم إني أسألك بكل اسم سميت به نفسك فهذه إضافة حقيقية و هي إضافة الشيء إلى نفسه لما ذكر لفظين مختلفين صحت الإضافة كحق اليقين و علم اليقين و العين واحدة و هي لفظة النفس و كاف الخطاب و إنما قلنا هذا من أجل أصحاب اللسان حيث قالوا من طريق الأدلة إن الشيء لا يضاف إلى نفسه و هو قول صحيح غير إن الإضافة هنا وقعت في الصورة و الصورة صورتان فجاز إن تضاف الصورة الواحدة إلى الأخرى و هي النفس و كاف الخطاب و كحق اليقين و علم اليقين و عين اليقين و الوجه الآخر أن تكون النفس نفس الإنسان الكامل القابلة لجميع الأسماء الإلهية و الكونية فإن الأسماء الكونية أيضا تدل بحكم المطابقة عليه إلا ما يختص به منها المحدث كالغنى لله و الفقر للإنسان بل للعالم كله فتكون النفس هنا مضافة إلى كاف الخطاب و هو الحق و تكون إضافة ملك و تشريف و استحقاق فإضافة الملك كمثل مال زيد و إضافة تشريف كمثل عبد الملك و خديمه و إضافة الاستحقاق كسرج الدابة و باب البيت و هذه كلها سائغة في قوله نفسك إذا عني بها الإنسان مثل قول عيسى ع وَ لاٰ أَعْلَمُ مٰا فِي نَفْسِكَ يعني بهذه النفس هنا نفس عيسى أضافها إلى الحق كما هي في نفس الأمر و هو أتم في الثناء على اللّٰه و التبري مما نسب إليه و قرر عليه و استفهم عنه من قوله أَ أَنْتَ قُلْتَ لِلنّٰاسِ اتَّخِذُونِي وَ أُمِّي إِلٰهَيْنِ مِنْ دُونِ اللّٰهِ فقال له أنت تَعْلَمُ مٰا فِي نَفْسِي و لا أعلم ما فيها إِنَّكَ أَنْتَ عَلاّٰمُ الْغُيُوبِ فإنه ما يكون فيها إلا ما تجعله أنت فكيف يستفهم من لَهُ الْخَلْقُ وَ الْأَمْرُ و لم يقل له ما قلت إني إله لعلمه بأنه خليفة و إنسان كامل و أن الأسماء الإلهية له فقال له مٰا قُلْتُ لَهُمْ إِلاّٰ مٰا أَمَرْتَنِي بِهِ ما زدت على ذلك شيئا و إذا قال القائل ما أمر به أن يقوله لم يلزم أن يقول كل ما هو عليه فإنه ما أمر أن يقوله و قد خرج عن العهدة بما بلغ و

قال ص أو علمته أحدا من خلقك أو استأثرت به في علم غيبك فذكر أنه تعالى استأثر بشيء في علم غيبه مما لا يعلمه إلا هو و ليس إلا ما يمكن أن يكون للإنسان الكامل لكن اللّٰه تعالى استأثر به في علم غيبه ما لا يعلمه إلا هو فعلم من الإنسان مما هو عليه ما لا يعلمه الإنسان الكامل من نفسه فهو غيب الحق لأنه المثل فاجتمع قول محمد ص و قول عيسى ع في أمر واحد و هو قوله وَ لاٰ أَعْلَمُ مٰا فِي نَفْسِكَ و

قول محمد ص أو استأثرت به في علم غيبك فالإنسان الكامل محل الأسماء كلها التي في قوته قبولها و ما ليس في قوته قبولها فلا يتمكن له قبولها فليس ذلك من الأسماء التي يقال فيها إنه نقص عنها كالاسماء التي يختص بها الإنسان و لا يجوز أن تطلق على اللّٰه

اسم الکتاب : الـفتوحات المکیة المؤلف : ابن عربي، محيي الدين    الجزء : 3  صفحة : 267
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست