responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : الـفتوحات المکیة المؤلف : ابن عربي، محيي الدين    الجزء : 3  صفحة : 268

و لا يقال إن اللّٰه قد نقصه هذا الاسم أن يطلق عليه فمعنى الأسماء كلها كل اسم في حقيقة هذا المسمى أن يقبله فاعلم ذلك فمن علم نسبة الأسماء الإلهية إلى الإنسان كيف هي و نسبة الأسماء الكونية إلى اللّٰه كيف هي علم مرتبة الإنسان و تميزه عن العالم كله و شرفه بما هو عليه من الجمعية كالمتفنن صاحب الذوق في كل علم و قد يكون صاحب علم ما أكمل منه في ذلك العلم مع المشاركة فهو أفضل منه في وجه خاص و هذا أفضل منه بالجمعية كما نقول بالمفاضلة في النقص فنقول في البليد إنه حمار و معلوم قطعا إن الحمار أفضل من الإنسان في البلادة فإنه أبلد منه و كذلك الملك مع الإنسان الملك أفضل منه في الطاعة و قد شهد اللّٰه له بذلك و ذلك لتعريه عن لباس البشرية فلا يعصي اللّٰه ما أمره لأنه ما هو على حقائق متضادة تجذبه في أوقات و تغفله و تنسيه عما دعي إليه كما يوجد ذلك في النشأة العنصرية و الإنسان نشأة عنصرية تطلبه حقائق متجاذبة بالفعل صاحب غفلة و نسيان يؤمر و ينهى فيتصور منه المخالفة و الموافقة فالملك أشد موافقة لله من الإنسان لما تعطيه نشأته و نشأة الإنسان قال تعالى في الملك لاٰ يَعْصُونَ اللّٰهَ مٰا أَمَرَهُمْ و قال في الخليفة الذي علمهم الأسماء وَ عَصىٰ آدَمُ رَبَّهُ فَغَوىٰ فوصفه بالمعصية فالملك أفضل في الموافقة لأمر اللّٰه و الخليفة الإنسان اعلم بالأسماء الإلهية لأن الخليفة إن لم يظهر بما يستحقه من استخلفه حتى يطاع و يعصى و إلا فليس بخليفة فهو أتم في الجمعية و أفضل و الملك أفضل في وجه خاص أو وجهين لكن ما له فضل الجمع و الصورة لا تكون إلا بالمجموع و إلا فليست بصورة مثلية و لا يقدح في الصورة و كمالها ما تمتاز به الصورة على مثلها فإنه لا بد من ذلك و لو لا ذلك لم تكن الصورة مثلا بل هي عينها و معلوم أن الأمر ليس كذلك و هذا المنزل يتسع الكلام فيه يكاد إلى غير نهاية فلنقتصر على ما ذكرناه و لنذكر بعض ما يتضمنه من العلوم كما تقدم فمن ذلك علم الرسوم الطامسة و مراتبها و حصرها في الحقائق التي انحصرت فيها و فيه علم من رد أمره فكاد إن يقتل نفسه و هو دليل على الضيق و الحرج و هل هذا من كمال الإنسان أم لا فإن اللّٰه وصف نفسه بالغضب و الانتقام فهذا الإنسان لما لم يتمكن له من قوته إن يجد على من يرسل غضبه بالانتقام منه أراد أن يرسله على نفسه فيقتل نفسه فهو ناقص كامل فأعطاه اللّٰه الصبر على حمل الأذى فقاوم به ما يجده الطبع من الغيظ على من يرد كلمته و أمره و يريد مقاومته و فيه علم التسكين و وجود الفرح بالمستند إليه إذا تنزل له في الخطاب على سبيل الرفق به لما يجده و هو أن يخاطبه بما يعرفه به في نفسه في الأمر الذي غاظه فيريه من هو أكبر منه قد أغيظ فيجد لذلك عزا في نفسه و لهذا قال اللّٰه تعالى لنبيه ص نَقُصُّ عَلَيْكَ مِنْ أَنْبٰاءِ الرُّسُلِ مٰا نُثَبِّتُ بِهِ فُؤٰادَكَ و فيه علم كل من جنى فعلى نفسه يجني فإن الأعمال لا تضاف إلا إلى عاملها و إن أضيفت إلى غير عاملها فقد غصبتها حقها و فيه علم الإستبصار و فيه علم الأمزجة فيعلم منه ما يضر زيدا ينفع عمرا و ما هو دواء لخالد هو داء لحسن و فيه علم نداء الحق و اختلافه مع أحدية النداء و فيه علم آداب جواب المنادي و فيه علم الاستنزال باللطف و فيه علم الجبر و فيه علم التقرير الكوني و نزول الأعلى إلى مخاطبة الأدنى باللطف مع قهره بالصورة فما المانع له من ذلك هل هو قهر خفي من حيث لا يشعر به أو هو عن رحمة هو عليها مجعولة أو جبلية و فيه علم تنبيه العالم على اكتساب معالي الأمور بإظهار أسبابها لمن لا يعرفها و فيه علم أسباب الحيرة عن جواب السائلين إذا كان السؤال مما لا يتصور عليه الجواب المطابق الذي يطلبه السائل في سؤاله و هل كل سؤال يقتضي جوابا أم لا و السؤال عين الجواب من حيث أحدية الكلام و الواحد لا يقع فيه التفصيل و لا الانقسام و السؤال ما هو عين الجواب و الكلام أحدي العين فأين محل الانقسام و فيه علم الجدل مع العلم من المجادل أنه مبطل و أن خصمه على الحق فلما ذا يبقى على جدله و قد بان له الحق في نفسه فهل له وجه ما لي الحق أو هو باطل من جميع الوجوه و إذا كان باطلا من جميع الوجوه فالباطل عدم و العدم لا يقاوم الوجود فإن لا شيء لا يكون أقوى من الشيء و فيه علم ما تنتجه المساعدة و فيه علم الزجر و التخويف و الرضاء بالقضاء و المقضي معا للقوة التي تكون في الراضي و ما ينبغي أن يرضى به من المقضي و ما لا ينبغي أن يرضى به من ذلك و فيه علم ما يؤثره الاستناد إلى الكثرة من القوة في نفس المستند و إن خاب فقد يرزق الواحد من القوة ما يزيد على

اسم الکتاب : الـفتوحات المکیة المؤلف : ابن عربي، محيي الدين    الجزء : 3  صفحة : 268
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست