responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : الـفتوحات المکیة المؤلف : ابن عربي، محيي الدين    الجزء : 3  صفحة : 266

بواجب الوجود لذاتك فقلت فمن لي بنور لا ظلمة فيه قيل لي لا تجده أبدا فقلت إذا فلا أشاهد موجدي أبدا فإنه النور المحض و الوجود الخالص فقيل لي لا تشاهده أبدا إلا منك و لهذا لا تراه أبدا في صورة واحدة فلا تحيط به علما فلا يتحلى و لا يشهد كما يشهد نفسه فإنه غني عن العالمين فما يستدل عليه إلا به فلا يعرف إلا من طريق الكشف و الشهود على حد ما ذكرناه و أما بالأدلة النظرية فلا يعلم إلا حكمه لا عينه فلهذا يحكم العقل بدليله على ما يستلزمه هذا الموجود الواجب الوجود مما يفتقر الممكن إليه فيه فهذا القدر يدل عليه و يعطيه الشهود رتبة فوق هذا تذاق و لا تنقال و لا تنحكى فلما أشهدني اللّٰه ذاتي و أشهدني هيكلي أشهدني بعد هذا نسبة العالم كله إلي و توجهه علي في إيجاد عيني فرأيت تقدمه علي و آثاره في و علمت انفعالي عنه و أنه لولاه ما كان لي وجود عيني فذللت في نفسي حيث أنا تحت قهر ممكن مثلي و علمت عند ذلك أني من القليل الذين يعلمون أن خلق السموات و هي الأسباب العلوية لوجودي و الأرض و هي الأسباب السفلية لوجودي أكبر من خلق الناس قدرا لأن لها نسبة الفاعلية و للناس نسبة الانفعال فأدركني انكسار يكاد أن يؤيسني عن مشاهدة الحق من حيث ما تشهده هذه الأسباب التي لها علي في القدر شفوف الفاعلات فلما حصل عندي ذلك الانكسار قيل لي هذه الأسباب و إن كان لها هذا القدر عليك في المرتبة فيما ظهر فاعلم إنك العين المقصودة فما وجدت هذه الأسباب إلا بسببك لتظهر أنت فما كانت مطلوبة لأنفسها فإن اللّٰه لما أحب أن يعرف لم يمكن أن يعرفه إلا من هو على صورته و ما أوجد اللّٰه على صورته أحدا إلا الإنسان الكامل لا الإنسان الحيوان فإذا حصل حصلت المعرفة المطلوبة فأوجد ما أوجد من الأسباب لظهور عين الإنسان الكامل فاعلم ذلك فجبر هذا التعريف الإلهي انكساري و علمت أني من الكمل و أني لست بإنسان حيوان فقط فشكرت اللّٰه على هذه المنة فلما أشهدني نسبة العالم إلي و نسبتي إلى العالم و ميزت بين المرتبتين و علمت إن العالم كله لو لا أنا ما وجد و أنه بوجودي صح المقصود من العلم الحادث بالله و الوجود الحادث الذي هو على صورة الوجود القديم و علمت إن العلم بالله المحدث الذي هو على صورة العلم بالله القديم لا يتمكن أن يكون إلا لمن هو في خلقه على الصورة و ليس غير الإنسان الكامل و لهذا سمي كاملا و أنه روح العالم و العالم المسخر له علوه و سفله و إن الإنسان الحيواني من جملة العالم المسخر له و إنه يشبه الإنسان الكامل في الصورة الظاهرة لا في الباطن من حيث الرتبة كما يشبه القرد الإنسان في جميع أعضائه الظاهرة فتأمل درجة الإنسان الحيوان من درجة الإنسان الكامل

[إن الإنسان على استعداد قبول الكمال]

و اعلم من أي الأناسي أنت فإنك على استعداد قبول الكمال لو عقلت و لهذا تعين التنبيه و الإعلام من العالم فلو لم تكن على استعداد يقبل الكمال لم يصح التنبيه و لكان التعريف بذلك عبثا و باطلا فلا تلومن إلا نفسك في عدم القبول لما دعيت إليه فإن الداعي ما دعا إلا على بصيرة ليلحقك بذاته في البصيرة فإذا علمت هذا و أشهدك الحق نسبة العالم إليك بقي عليك إن تعلم نسبة الحق إليك و نسبتك إليه فأوقفني الحق على نسبة الأسماء الإلهية إلي لتحصل لي الصورة المقصودة فتنطلق على جميع الأسماء الإلهية التي تنطلق عليه تعالى لا يفوتني منها اسم بوجه من الوجوه

[إن الاسم يدل على المسمى بحكم المطابقة]

فاعلم إن الاسم لما كان يدل على المسمى بحكم المطابقة فلا يفهم منه غير مسماه كان عينه في صورة أخرى تسمى اسما فالاسم اسم له و لمسماه و أراد اللّٰه سبحانه أن يعرف كما قررناه بالمعرفة الحادثة لتكمل مراتب المعرفة و يكمل الوجود بوجود المحدث و لا يمكن أن يعرف الشيء إلا نفسه أو مثله فلا بد أن يكون الموجود الحادث الذي يوجده اللّٰه للعلم به على صورة موجدة حتى يكون كالمثل له فإن الإنسان الكامل حقيقة واحدة و لو كان بالشخص ما كان مما زاد على الواحد فهو عين واحدة و قال فيه ليس كمثله شيء فجعله مثلا و نفى أن يماثل فلما نصبه في الوجود مثلا تجارت إليه الأسماء الإلهية بحكم المطابقة من حيث ما هي الأسماء ذات صور و حروف لفظية و رقمية كما إن الإنسان ذو صورة جسمية فكانت هذه الأسماء الإلهية على هذا الإنسان الكامل أشد مطابقة منها على المسمى اللّٰه و لما كان المثل عن مثله متميزا بأمر ما لا يتمكن أن يكون ذلك الأمر إلا له و لا يكون لمثله كان الأمر في الأسماء التي يتميز المثل عن مثله به و لا يشاركه فيه من جانب الحق الاسم اللّٰه فعين ما اختص به المثل عن مثله و كان للمثل الآخر الاسم الإنسان الكامل الخليفة مما اختص به هذا المثل الكوني و أسماء الحق الباقية مركبة

اسم الکتاب : الـفتوحات المکیة المؤلف : ابن عربي، محيي الدين    الجزء : 3  صفحة : 266
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست