responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : الـفتوحات المکیة المؤلف : ابن عربي، محيي الدين    الجزء : 3  صفحة : 195

في صف واحد لأن ذلك الشخص لم يشاهد الملائكة فراعى الإمام حكم المأموم و ما كنت بجانب الطور إذ نادى اللّٰه موسى و لا بالجانب الغربي إذ قضى إِلىٰ مُوسَى الْأَمْرَ وَ مٰا كُنْتَ مِنَ الشّٰاهِدِينَ كذلك ما كنت مع رسول اللّٰه ص إذ أم به جبريل في الصلوات الخمس وَ مٰا كُنْتَ مِنَ الشّٰاهِدِينَ و مٰا شَهِدْنٰا إِلاّٰ بِمٰا عَلِمْنٰا وَ مٰا كُنّٰا لِلْغَيْبِ حٰافِظِينَ و ليس حكم من شاهد الأمور حكم من لم يشاهدها إلا بالأعلام فللعيان حال لا يمكن أن يعرفه إلا صاحب العيان كما إن للعلم حالا لا يعرفه إلا أولو العلم ليس لغيرهم فيه ذوق رَبِّ أَرِنِي كَيْفَ تُحْيِ الْمَوْتىٰ رَبِّ أَرِنِي أَنْظُرْ إِلَيْكَ

و لكن للعيان لطيف معنى لذا سأل المعاينة الكليم
و ما زال سجود الملائكة لبني آدم في كل صلاة كما سجدوا لأبيهم آدم فما زالت الخلافة في بنى آدم ما بقي فيهم مصل يقول اللّٰه اللّٰه فإن الأمر الإلهي و الشأن إذا وقع في الدنيا لم يرتفع حكمه إلى يوم القيامة و قد وقع السجود لآدم من الملائكة فبقي سجودهم لذريته خلف كل من يصلي إلى يوم القيامة كما نسي آدم فنسيت ذريته كما جحد آدم فجحدت ذريته كما قتل قابيل هابيل ظلما فما زال القتل ظلما في بنى آدم إلى يوم القيامة و على الأول كفل من ذلك كما للأول في الخير نصيب من كل من فعله

فمن سن سنة حسنة فله أجرها و أجر من عمل بها إلى يوم القيامة و من سن سنة سيئة فعليه وزرها و وزر من عمل بها إلى يوم القيامة و هم الذين يحملون أَثْقٰالَهُمْ وَ أَثْقٰالاً مَعَ أَثْقٰالِهِمْ فكل مصل إمام للملائكة و الملائكة خلفه تسجد له إلا إن الفرق بين الأصل و الفرع أعني آدم و ذريته إن الملائكة تسجد لسجود بنى آدم في القراءة و الصلاة و آدم سجدوا له سجود المتعلم للمعلم فاجتمعا في السجود و اختلفا في السبب و إنما المقصود الذي أردناه أن نبين أن السجود من الملائكة خلف بنى آدم ما ارتفع و أن الإمامة ما ارتفعت من آدم إلى آخر مصل و الملائكة تبع لهذا الإمام كما قررناه فنحن عند اللّٰه في حال إمامتنا و الملائكة في هذه الحال عندنا بالاقتداء فهي عند ربها لأن الإمام عنده فالملائكة عنده لأنها عند الإمام و كل صف إمام لمن خلفه بالغا ما بلغ و قولي

فعندية الرب معقولة و عندية الهو لا تعقل
و عندية اللّٰه مجهولة و عندية الخلق لا تجهل
و ليس هما عند ظرفية و ليس لها غيرها محمل
الضمير في لها يعود على الظرفية و في هما يعود على عندية الحق و الخلق

[أن العندية نسبة ما هي أمر وجودي]

و اعلم أن العندية نسبة ما هي أمر وجودي لأن النسب أمور عدمية ثابتة الحكم معدومة العين و سيأتي الكلام إن شاء اللّٰه في أحوال الأقطاب فيمن كان هجيره مٰا عِنْدَكُمْ يَنْفَدُ وَ مٰا عِنْدَ اللّٰهِ بٰاقٍ من هذا الكتاب و إنما قلنا إن عندية اللّٰه مجهولة لأن اللّٰه بما هو اللّٰه لا يتعين فيه اسم من الأسماء الإلهية دون اسم فإنه عين مجموع الأسماء و ما تخصصه إلا الأحوال فإنه من قال يا اللّٰه افعل لي كذا فحاله تخصص أي اسم أراد مما يتضمنه هذا الاسم اللّٰه من الأسماء فلهذا يقال فيه إنه مقيد في إطلاق أي تقيده الأحوال بما تطلبه من الأسماء المندرجة فيه و مطلق من حيث انتفاء الأحوال فهو الاسم القابل لكل اسم كما أن الهيولى الكل قابلة لكل صورة و عندية الرب قريبة من هذا إلا إن الفرق بينهما إن الرب ما أتى قط إلا مضافا فمن كان عنده فهو عند من أضيف إليه و لا يضاف إلا إلى كون من الأكوان و عندية الخلق معلومة فعندية الرب معقولة و أما عندية الهو فإن الهو ضمير غائب و الغائب لا يحكم عليه ما كانت حالته الغيبة لأنه لا يدري على أي حالة هو حتى يشهد فإذا شهد فليس هو لأن الغيبة زالت عنه إلا ترى الساكت لا ينسب إليه أمر حتى يتكلم و لا مذهب و لهذا لا يدخل في الإجماع بسكوته و هذه مسألة خلاف و الصحيح ما قلناه كما إن ترك النكير ليس بحجة إلا في بقاء ذلك الأمر على الأصل المنطوق به في قوله تعالى خَلَقَ لَكُمْ مٰا فِي الْأَرْضِ جَمِيعاً و كلام بنى آدم مما خلق في الأرض و جميع أفعالهم فإذا رأينا أمرا قد قيل أو فعل بمحضر رسول اللّٰه ص و لم ينكره فلا نقول إن حكمه الإباحة فإنه لم يحكم فيه بشيء إذ يحتمل أنه لم ينزل فيه شيء عليه و هو لا يحكم إلا بما أوحى اللّٰه فيه إليه فيبقى ذلك على الأصل و هو التصرف الطبيعي الذي تطلبه هذه النشأة من غير تعيين حكم عليه بأحد الأحكام الخمسة و هو الأصل الأول أو نرده إلى الأصل الثاني و هو قوله تعالى خَلَقَ لَكُمْ

اسم الکتاب : الـفتوحات المکیة المؤلف : ابن عربي، محيي الدين    الجزء : 3  صفحة : 195
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست