responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : الـفتوحات المکیة المؤلف : ابن عربي، محيي الدين    الجزء : 3  صفحة : 194

كَأَنَّهُمْ بُنْيٰانٌ مَرْصُوصٌ و أمرنا بالتراص في الصف في الصلاة و ذكر أن الملائكة يتراص في الصف عند ربها و جعل صفوفنا كصفوف الملائكة و ليس ذلك لغيرنا من الأمم وَ جٰاءَ رَبُّكَ وَ الْمَلَكُ صَفًّا صَفًّا يَوْمَ يَقُومُ الرُّوحُ و هو الإمام وَ الْمَلاٰئِكَةُ صَفًّا فالإمام صف وحده لأنه مجموع و أحديته أحدية المجموع و لذلك كان صفا وحده و تجلى الحق لأهل الصفوف في مجموع الأحدية لا في أحدية المجموع لأن كل شخص من أشخاص الصفوف يناجي من الحق ما يعطيه حضوره و ما يناسب قصده و ما هو عليه من العلم بربه و لهذا تجلى لهم في مجموع الأحدية فسبق لهم المجموع و أضافه إلى الأحدية حتى لا يشركوا مع اللّٰه أحدا في عبادتهم مع اختلاف مقاصدهم و عقائدهم و أحوالهم و أمزجتهم و مناسباتهم و لهذا تختلف سؤالاتهم و تكثر فلو تجلى لهم في أحدية المجموع لم يتمكن لهم النظر إلى المجموع مع وجود تقدم الأحدية و لو كان ذلك لكانت مقاصدهم مقصدا واحدا و سؤالهم سؤالا واحدا و حالاتهم في الحضور حالا واحدة و علمهم بالله علم واحد و الواقع ليس كذلك فدل على إن التجلي كان في مجموع الأحدية وَ إِلَيْهِ يُرْجَعُ الْأَمْرُ كُلُّهُ فرجع المجموع إلى الواحد و أضيف إليه لئلا يتخيلوا أن المجموع وجود أعيان و هو وجود أحكام و أن اللّٰه ما شرع الإمام في الصلاة إلا ليقابل به الأحدية التي أضاف المجموع إليها و يقابل بالجماعة مجموع الأحدية فالإمام يناجي الأحدية خاصة و لهذا اعتقد من اعتقد عصمة الإمام في الصلاة حتى يسلم و هم أصحاب الإمام المعصوم لأن الواحد لا يسهو عن أحديته إلا المعلم بالفعل فإنه يقوم به السهو ليعلم كيف يكون حكم الساهي من الجماعة و ليس إلا الأنبياء خاصة و ما عدا الرسل فهو متبع واحد من أهل الصف فإذا تقدم هو و ليس برسول فهو معصوم لأنه ليس بمعلم هذا الذي جعل أصحاب الإمام المعصوم الذين هم الإمامية يقولون بعصمة الإمام و الواقع خلاف ذلك فإنه ما من إمام إلا و يسهو في صلاته و إن لم يسه عن صلاته و الجماعة تناجي مجموع الأحدية كل شخص مأموم يناجي ما يقابله من مجموع الأحدية فأي مصل صلى و لم يشاهد ما ذكرناه من إمام و مأموم فما صلى الصلاة المشروعة بالكمال و إن أتمها فما أكملها لأن تمام الصلاة إقامة نشأتها و استيفاء أركانها من فرائضها و سننها من قيام و تكبير و قراءة و ركوع و خفض و رفع و هيأة و سلام إذا أتى بهذا كله فقد أتمها و إذا شاهد ما ذكرناه فقد أكملها لأن الغاية هي المرتبة و ما وضعت الصلاة إلا لغايتها و هو المعبر عنه في العموم بالحضور في الصلاة أي استصحاب النية في أجزائها من أول الدخول فيها و التلبس بها إلى الخروج منها فانظر يا أخي هل صليت مثل هذه الصلاة إماما كنت أو مأموما و هل فرقت بينك و بين إمامك في الشهود أو ميزته عنك بالتقدم المكاني و بتقدم المكانة في الحكم فلا تكبر حتى يكبر و لا تركع حتى يركع و لا ترفع حتى يرفع و لا تفعل شيئا من أفعال الصلاة حتى يفعل فإن رتبتك الاتباع فالإمام متقدم على المأموم مكانا إن كان في جماعة و مكانة إن لم يكن معه إلا واحد فهو إمام بالمكانة يقابل الأحدية و يقابل مجموع الأحدية بانضمام الآخر إليه حتى كأنه الصف فالإمام إذا تقدم بالمكان و الجماعة خلفه لم يشهد سوى الأحدية و إن كان في الصف مع المأموم لوحدانية المأموم شهد الإمام مجموع الأحدية و أحدية المجموع أو شهد المأموم مجموع الأحدية لا غير فميزته عنه المكانة لاتباعه إياه و اقتدائه به فإن خالفه فإن ناصية المأموم بيد شيطان و الشيطنة البعد و الصلاة قرب فهذا قرب في عين بعد و بعد في عين قرب فلم يشهد هذا المأموم مجموع الأحدية لأنه ليس بمأموم لا مكانا و لا مكانة و إذا كان بهذه المثابة فإن الإمام في حال مخالفة المأموم له ما يشاهد إلا الأحدية لأنه ليس في صف لفقد المأموم لما زال عن مأموميته فالإمام في هذه الحال كالمصلي وحده بالنظر إلى حال هذا المأموم و هو إمام بالنظر إلى من يصلي خلفه من الملائكة و الملائكة لا تصف إلا خلفه و الملائكة تصف عند ربها و هي في هذه الحال عند الإمام المصلي بها و هي لم تزل عند ربها فالإمام خليفة فسجد له الملائكة و الإمام يسجد لله فالله قبلة الإمام و الإمام قبلة الملائكة و ما أم جبريل ع بالنبي ص إلا ليعلمه الصلاة بالفعل فصلى به مكانة لا مكانا فإنه صلى به وحده و لم يتقدم عليه فعلمه عدد الصلوات في أوقاتها و هيأتها على أتم الوجوه ثم أمره إذا كان في جماعة أن يتقدمهم بالمكان و من رأى أنه تقدم بالمكان جبريل أيضا فلم يكن ذلك إلا حتى كشف اللّٰه الغطاء عن بصر النبي ص فرأى الملائكة فرأى الجماعة فصف معهم خلف جبريل و أما على الستر فلا و لهذا

صلى النبي ص بالرجل وحده و جعله على يمينه

اسم الکتاب : الـفتوحات المکیة المؤلف : ابن عربي، محيي الدين    الجزء : 3  صفحة : 194
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست