responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : الـفتوحات المکیة المؤلف : ابن عربي، محيي الدين    الجزء : 3  صفحة : 117

ظهرك و إذا كان التجلي في الصور دخله الحد و المقدار و أقرب القرب في ذلك أن يكون عين الخط الذي به تقسم الدائرة نصفين لظهور القوسين اللذين قرب بعضهما من بعض هو القرب الأول و القرب الثاني القرب الخطي الذي هو أقرب من حبل الوريد و لا تكون رؤية الحق أبدا حيث كانت إلا في منازلة بين عروج و نزول فالعروج منا و النزول منه فلنا التداني و له التدلي إذ لا يكون التدلي إلا من أعلى و لنا الترقي و له تلقي الوافدين عليه و ذلك كله إعلام بالصورة التي يتجلى فيها لعباده و إنها ذات حد و مقدار ليدخل مع عباده تحت قوله في حكمه وَ مٰا نُنَزِّلُهُ إِلاّٰ بِقَدَرٍ مَعْلُومٍ و كُلَّ شَيْءٍ خَلَقْنٰاهُ أي جعلناه بِقَدَرٍ و الرؤية مخلوقة فهي بقدر و التنوع في التجلي ظهور محدث عند المتجلي له فهو بقدر أ لا ترى تجليه بالحكم في الأعيان المتخذة آلهة للغيرة الإلهية حيث حكم و قضى أنه لا يعبد إلا إياه و كذا أخبر فقال وَ قَضىٰ رَبُّكَ أَلاّٰ تَعْبُدُوا إِلاّٰ إِيّٰاهُ فعلماء الرسوم يحملون لفظ قضى على الأمر و نحن نحملها على الحكم كشفا و هو الصحيح فإنهم اعترفوا أنهم ما يعبدون هذه الأشياء إلا لتقربهم إلى اللّٰه زلفى فأنزلوهم منزلة النواب الظاهرة بصورة من استنابهم و ما ثم صورة إلا الألوهية فنسبوها إليهم و لهذا يقضي الحق حوائجهم إذا توسلوا بها إليه غيرة منه على المقام أن يهتضم و إن أخطئوا في النسبة فما أخطئوا في المقام و لهذا قال إِنْ هِيَ إِلاّٰ أَسْمٰاءٌ سَمَّيْتُمُوهٰا أي أنتم قلتم عنها إنها آلهة و إلا فسموهم فلو سموهم لقالوا هذا حجر أو شجر أو ما كان فتتميز عندهم بالاسمية إذ ما كل حجر عبد و لا اتخذ إلها و لا كل شجر و لا كل جسم منير و لا كل حيوان فَلِلّٰهِ الْحُجَّةُ الْبٰالِغَةُ عليهم بقوله قُلْ سَمُّوهُمْ

[لو لا الهوى ما عبد اللّٰه في غيره]

و اعلم أنه لو لا الهوى ما عبد اللّٰه في غيره و إن الهوى أعظم إله متخذ عبد فإنه لنفسه حكم و هو الواضع كل ما عبد و فيه قلت

و حق الهوى إن الهوى سبب الهوى و لو لا الهوى في القلب ما عبد الهوى
قال تعالى أَ فَرَأَيْتَ مَنِ اتَّخَذَ إِلٰهَهُ هَوٰاهُ وَ أَضَلَّهُ اللّٰهُ عَلىٰ عِلْمٍ فلو لا قوة سلطانه في الإنسان ما أثر مثل هذا الأثر فيمن هو على علم بأنه ليس بإله فإذا كان يوم القيامة جسد اللّٰه الهوى كما يجسد الموت لقبول الذبح فإذا جسده قرره على ما حكم به فيمن قام به فحار و جاء بإله عليه فعذب في صورته و أفرد المحل عنه فحصل في النعيم و تجسد المعاني لا تنكر عندنا و لا عند علماء الرسوم فحكمه في هذا مثل الحكم الذي في

قوله لا يدخل الجنة من في قلبه مثقال ذرة من كبر فكان شيخنا أبو مدين رضي اللّٰه عنه يقول صدق يزال فيدخل صاحبه الجنة دونه و يبقى هو في النار صورة مجسدة أو يعود الكبر إلى من هو له فيأخذ كل ذي حق حقه

[أن الآلهة المتخذة من دون اللّٰه آلهة طائفتان]

و اعلم أن الآلهة المتخذة من دون اللّٰه آلهة طائفتان منها من ادعت ما ادعى فيها مع علمهم في أنفسهم أنهم ليسوا كما ادعوا و إنما أحبوا الرئاسة و قصدوا إضلال العباد كفرعون و أمثاله و هم في الشقاء إلا أن تابوا و هم ممن تشهد عليهم ألسنتهم بما نطقت به من هذه الدعوى فما دونها مما يجب عنه السؤال فتنكر و منها من ادعت ذلك على بصيرة و صحو و تحقق معرفة في مجلس لقرينة حال اقتضاها المجلس لما رأوا أن الحق عين قواهم و ما هم هم إلا بقواهم و بقواهم يقولون ما يقولون فقواهم القائلة لا هم و هي عين الحق كما أخبر الحق و كما أعطاه الشهود بانخراق العادة في قولهم عندهم فقالوا أنا اللّٰه و إني أنا اللّٰه لا إله إلا أنا فاعبدون كأبي يزيد ممن نقل عنه مثل هذا مع صحوه و ثبوته و علمه بأن الحق هو الظاهر بأفعاله في أعيان الممكنات و إنه في بعض الأعيان قد نص أنه هو و في بعض الأعيان لم يذكر أنه هو و لذلك قال بعض العارفين في حق التلميذ الذي استغنى بالله على زعمه عن رؤية أبي يزيد لأن يرى أبا يزيد مرة خير له من أن يرى اللّٰه ألف مرة فعبر أبو يزيد فقيل له هذا أبو يزيد فعند ما وقع بصره عليه مات التلميذ فقيل لأبي يزيد في موته فقال رأى ما لا يطيق لأنه تجلى له من حيث أنا فلم يطقه كما صعق موسى لأن اللّٰه من حيث أنا مجلاه أعظم من حيث المجلى الذي كان يشهده فيه ذلك المريد و منها من ادعت ذلك في حال سكر كالحلاج فقال قول سكران فحبط و خلط لحكم السكر عليه و ما أخلص

قد تصبرت و هل يصبر قلبي عن فؤادي
مازجت روحك روحي في دنوي و بعادي
فأنا أنت كما أنك أني و مرادي

اسم الکتاب : الـفتوحات المکیة المؤلف : ابن عربي، محيي الدين    الجزء : 3  صفحة : 117
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست