اسم الکتاب : مفتاح العلوم المؤلف : السّكّاكي الجزء : 1 صفحة : 480
ترى الثياب
من الكتّان يلمحها ...
نور من البدر
أحيانا فيبليها
فكيف تنكر أن
تبلى معاجرها ...
والبدر في كل
وقت طالع فيها؟
ومع الإصرار
على دعوى أنه أسد ، وأنه شمس ، وأنه قمر ، يمتنع أن يقال : لما تستعمل الكلمة فيما
هي موضوعة له ، ومدار ترديد الإمام عبد القاهر ، قدس الله روحه ، لهذا النوع بين
اللغوي تارة ، وبين العقلي أخرى على هذين الوجهين ، جزاه الله أفضل الجزاء ، فهو
الذي لا يزال ينور القلوب في مستودعات لطائف نظره ، لا يألو تعليما ، وإرشادا ،
لكنك إذا وقفت على وجه التوفيق بين إصرار المستعير على ادعائه الأسدية للرجل ،
وبين نصبه في ضمن الكلام قرينة دالة على أنه ليس الهيكل المخصوص ، مصدقة عنده ،
كشف لك الغطاء.
اعلم أن وجه
التوفيق هو أن تبنى دعوى الأسدية للرجل على ادعاء أن أفراد جنس الأسد قسمان بطريق
التأويل : متعارف ، وهو الذي له غاية جرأة المقدم ، ونهاية قوة البطش مع الصورة
المخصوصة ؛ وغير متعارف : وهو الذي له تلك الجراءة وتلك القوة ، لا مع تلك الصورة
، بل مع صورة أخرى ، على نحو ما ارتكب المتنبي هذا الادعاء ، في عد نفسه وجماعته
من جنس الجن ، وعد جماله من جنس الطير ، حين قال :
مستشهدا لدعواك
هاتيك بالمحيلات العرفية ، والتأويلات المناسبة ، من نحو حكمهم إذا رأوا أسدا هرب
عن ذئب خ خ أنه ليس بأسد ، وإذا رأوا إنسانا لا يقاومه أحد خ خ أنه ليس بإنسان ،
وإنما هو أسد ، أو هو أسد في صورة إنسان ، وأن تخصص تصديق القرينة بنفيها المتعارف
الذي يسبق إلى الفهم ، ليتعين ما أنت تستعمل الأسد فيه ، ومن البناء