اسم الکتاب : مفتاح العلوم المؤلف : السّكّاكي الجزء : 1 صفحة : 347
ترك يودوا إلى لفظ الماضي ، إذ لم تكن تحتمل ودادتهم لكفرهم من الشبهة ، ما
كان يحتملها كونهم : إن يثقفوهم أعداء لهم وباسطي الأيدي والألسنة إليهم للقتل
والشتم.
و (إذا) للشرط
في الاستقبال ، قال الله تعالى (ثُمَّ إِذا
أَذاقَهُمْ مِنْهُ رَحْمَةً إِذا فَرِيقٌ مِنْهُمْ بِرَبِّهِمْ يُشْرِكُونَ)[١] على نحو : (وَإِنْ تُصِبْهُمْ
سَيِّئَةٌ بِما قَدَّمَتْ أَيْدِيهِمْ إِذا هُمْ يَقْنَطُونَ)[٢] بإدخال (إذا) في الجزاء ، والأصل فيها القطع بوقوع
الشرط ، كما إذا قلت : إذا طلعت الشمس فإني أفعل كذا ، قطعا ، إما تحقيقا كما في
المثال المضروب ، أو باعتبار ما خطابي ، وهو النكتة في تغليب لفظ الماضي معه على
المستقبل في الاستعمال ، لكون الماضي أقرب إلى القطع من المستقبل في الجملة ، نظرا
إلى اللفظ ، قال تعالى : (فَإِذا جاءَتْهُمُ
الْحَسَنَةُ قالُوا لَنا هذِهِ وَإِنْ تُصِبْهُمْ سَيِّئَةٌ يَطَّيَّرُوا بِمُوسى
وَمَنْ مَعَهُ)[٣] بلفظ : (إذا) في جانب الحسنة ، حيث أريدت الحسنة
المطلقة لا نوع منها ، كما في قوله تعالى : (وَإِنْ تُصِبْهُمْ
حَسَنَةٌ يَقُولُوا هذِهِ مِنْ عِنْدِ اللهِ)[٤] وفي قوله تعالى : (وَلَئِنْ أَصابَكُمْ
فَضْلٌ مِنَ اللهِ لَيَقُولَنَ)[٥] ، لكون حصول الحسنة المطلقة مقطوعا به ، كثرة وقوع
واتساعا ، ولذلك عرفت ؛ ذهابا إلى كونها معهودة ، أو تعريف جنس ، والأول أقضى لحق
البلاغة ، وبلفظ (إن) في جانب السيئة ، مع تنكير السيئة ، إذ لا تقع إلا في الندرة
بالنسبة إلى الحسنة المطلقة ، ولا يقع إلا شيء منها ، ولذلك قيل : قد عددت أيام
البلاء ، فهل عددت أيام الرخاء؟ ومنها : (وَإِذا أَذَقْنَا
النَّاسَ رَحْمَةً فَرِحُوا بِها وَإِنْ تُصِبْهُمْ سَيِّئَةٌ بِما قَدَّمَتْ
أَيْدِيهِمْ إِذا هُمْ يَقْنَطُونَ)[٦] بلفظ. (إذا) ، في جانب الرحمة ، وكأن تنكيرها وقصد
النوع ، للنظر إلى لفظ الإذاقة فهو المطابق للبلاغة ، وأما قوله :