اسم الکتاب : مفتاح العلوم المؤلف : السّكّاكي الجزء : 1 صفحة : 346
للمحافظة على الفاصلة.
ولنقتصر من
الأمثلة على ما ذكر ، فما كان الغرض إلا مجرد التنبيه دون التتبع لنظائرها في
القرآن ، وتفصيل القول فيها ، خاتمين الكلام بأن جميع ما وعت أذناك من التفاصيل في
هذه الأنواع الثلاثة من فصل : التقديم والتأخير ، هو مقتضى الظاهر فيها ، وقد عرفت
، فيما سبق ، أن إخراج الكلام ، لا على مقتضى الظاهر ، طريق البلغاء ، يسلك [كثيرا بتنزيل][١] نوع مكان نوع ، باعتبار من الاعتبارات ، فليكن على ذكر
منك.
تقييد الفعل :
وأما الحالات
المقتضية لتقييد الفعل بالشروط المختلفة : (كان) و (إن) (ما) و (إذا) و (إذا ما) و
(إذما) و (متى) و (متى ما) و (أين) و (أينما) و (حيثما) و (من) و (ما) و (مهما) و
(أي) و (أنّى) و (لو) ، فالذي يكشف عنها القناع وقوفك على ما بين هذه الكلم من
التفاصيل.
أما (إن) فهي
للشرط في الاستقبال ، والأصل فيها الخلو عن الجزم بوقوع الشرط ، كما يقول القائل :
إن تكرمني أكرمك ، وهو لا يعلم أتكرمه أم لا ، فإذا استعملت في مقام الجزم ، لم
تخل عن نكتة : وهي إما التجاهل لاستدعاء المقام إياه ، وإما أن المخاطب ليس بجازم
، كما تقول لمن يكذبك فيما أنت تخبره : إن صدقت فقل لي ما ذا تعمل وإما تنزيل
المخاطب منزلة الجاهل لعدم جريه على موجب العلم ، كما يقول الأب لابن لا يراعي حقه
: افعل ما شئت إني إن لم أكن لك أبا كيف تراعى حقي؟ ولامتناع الجزم بتحقق المعلق
بما في تحققه شبهة ، قلما يترك المضارع في بليغ الكلام إلى الماضي المؤذن بالتحقق
نظرا إلى لفظه لغير نكتة ، مثل ما ترى في قوله ، علت كلمته : (إِنْ يَثْقَفُوكُمْ يَكُونُوا لَكُمْ
أَعْداءً وَيَبْسُطُوا إِلَيْكُمْ أَيْدِيَهُمْ وَأَلْسِنَتَهُمْ بِالسُّوءِ
وَوَدُّوا لَوْ تَكْفُرُونَ)[٢]