اسم الکتاب : مفتاح العلوم المؤلف : السّكّاكي الجزء : 1 صفحة : 333
مقصودا إليه في الذكر ، غير مستغنى عنه ، بخلافه في التركيب الآخر ؛ فإن
لفظ القرآن فيه يعد فضلة ، والتقريب ظاهر.
ومنها : أن
الكلام ، متى سلك به هذا المسلك ، لم يكن أوله مطمعا في ذكر الكاتب ، فإذا أورد
السامع فائدة ذكره ، كانت حاله كمن تيسر له غنيمة من حيث لا يحتسب ، بخلافه في
النظم ؛ [الآخر][١].
ومنها : أن
الكلام على ذلك النظم يكون كالمتناقض من حيث الظاهر ، لأن كون القرآن مفعولا فضلة
فيه ، يكون مؤذنا بأن مساس الحاجة إليه دون مساس الحاجة إلى الفاعل ، وكونه مقدما [على
الفاعل][٢] يكون مؤذنا بالاعتناء بشأنه ، وأن مساس الحاجة إليه فوق
مساس الحاجة إلى ما أخر ، بخلافه في هذا النظم ، فإنه يكون سليما عن ذلك ، وفي هذا
الوجه نظر يذكر في الحواشي.
ومنها أن
الكلام في التركيب الذي نحن فيه يفيد استناد الكتبة إلى الفاعل إجمالا أولا ،
وتفصيلا ثانيا ، وفي غيره يفيد استنادها إليه من وجه واحد ، فيكون هذا التركيب
أبلغ ؛ ومن قبيل ما نحن بصدده : (وَجَعَلُوا لِلَّهِ
شُرَكاءَ الْجِنَ)[٣] ف (لِلَّهِ شُرَكاءَ) هما : مفعولا" جعلوا" وانتصاب الجن بفعل مضمر
دل عليه السؤال المقدر ، وهو : من جعلوا شركاء؟
إثبات الفعل :
وأما الحالة
المقتضية لإثبات الفعل ، فاشتمال المقام على جهة من جهات الاستدعاء له ، والتلفظ
به ، مما نبهت على أمثالها غير مرة.