اسم الکتاب : مفتاح العلوم المؤلف : السّكّاكي الجزء : 1 صفحة : 334
ترك مفعوله :
وأما الحالة
المقتضية لترك مفعوله فهو : القصد إلى التعميم والامتناع على أن يقصره السامع على
ما يذكر معه دون غيره مع الاختصار ، وأنه أحد أنواع سحر الكلام ، حيث يتوصل بتقليل
اللفظ إلى تكثير المعنى ، كقولهم في باب المبالغة : فلان يعطي ويمنع ، ويصل ويقطع
، ويبني ويهدم ، ويغني ويعدم ، وقوله عز قائلا : (وَاللهُ يَدْعُوا
إِلى دارِ السَّلامِ)[١] أو القصد إلى نفس الفعل بتنزيل المتعدي منزلة اللازم ،
ذهابا في نحو : فلان يعطي ، إلى معنى ، يفعل الإعطاء ، ويوجد هذه الحقيقة إيهاما
للمبالغة بالطريق المذكور في إفادة اللام للاستغراق ، وعليه قوله عزوجل : (فَلا تَجْعَلُوا
لِلَّهِ أَنْداداً وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ)[٢] المعني وأنتم من أهل العلم والمعرفة. أو القصد إلى مجرد
الاختصار ، لنيابة قرائن الأحوال عن ذكره ، كقوله عز وعلا : (أَهذَا الَّذِي بَعَثَ اللهُ رَسُولاً)[٣] إذ لا يلبس أن المراد : أهذا الذي بعثه الله لاستدعاء
الموصول ، الراجع إليه من الصلة ، وقوله : (أَرِنِي أَنْظُرْ
إِلَيْكَ)[٤] لاتضاح أن المراد أرني ذاتك ، وقوله : (وَلَمَّا وَرَدَ ماءَ مَدْيَنَ وَجَدَ
عَلَيْهِ أُمَّةً مِنَ النَّاسِ يَسْقُونَ وَوَجَدَ مِنْ دُونِهِمُ امْرَأَتَيْنِ
تَذُودانِ قالَ ما خَطْبُكُما قالَتا لا نَسْقِي حَتَّى يُصْدِرَ الرِّعاءُ)[٥] لانصباب الكلام إلى إرادة يسقون مواشيهم ، وتذودان
غنمهما ، ولا نسقي غنمنا حتى يصدر الرعاء مواشيهم ، وقوله : (فَلَوْ شاءَ لَهَداكُمْ أَجْمَعِينَ)[٦] لظهور أن المراد لو شاء هدايتكم لهداكم ، ولك أن تنظم
قوله :