وقد ذكر عن
جماعة من النحويين موافقة أهل المدينة في ذلك [٢].
وجعل بعضهم منه
قوله تعالى : (أَنْ تَكُونَ أُمَّةٌ
هِيَ أَرْبى مِنْ أُمَّةٍ)[٣]. قال : فأربى في موضع نصب [٤].
وأما
الثانية : وهي وقوع ضمير
الفصل بين حال وصاحبها ، فكالاستثناء من قوله : باقي الابتداء أو منسوخه ، ومثال ذلك حكاية الأخفش عن بعض العرب أنه يأتي بالفصل
بين الحال وصاحبها ، فيقول : ضربت زيدا هو ضاحكا [٥].
وعلى هذه اللغة
قرأ بعضهم : (هؤلاء بناتي هنّ أطهر لكم) [٦] بنصب أطهر.
قال
الشيخ : «اختلفوا في دخولها بعد تمام الكلام نحو : هذا زيد هو
خيرا ـ
[١]نص ما قاله
سيبويه ، قال : «هذا باب لا تكون هي وأخواتها فيه فصلا ، ولكن تكون بمنزلة اسم
مبتدأ وذلك قولك : ما أظنّ أحدا هو خير منك ، وما أجعل رجلا هو أكرم منك ، وما
إخال رجلا هو أكرم منك ؛ لم يجعلوه فصلا ...» إلخ (الكتاب : ٢ / ٣٩٦). وهذا النص
يضعف ما جاء عن أهل المدينة من وقوع ضمير الفصل بين نكرتين.
قال الأستاذ عبد السّلام هارون محقق
كتاب سيبويه معلقا على ذلك :
قال السيرافي ما ملخصه : «هذا الكلام
إذا حمل على ظاهره غلط وسهو ؛ لأنّ أهل المدينة لم يحك عنهم إنزال هو منزلتها في
النكرة والذي حكي عنهم : (هؤلاء بناتي هنّ أطهر لكم) [هود : ٧٨] بالنصب ، وهؤلاء
بناتي جميعا معرفتان ، وأطهر لكم منزّل منزلة المعرفة في باب الفصل».
(انظر هامش الكتاب : ٢ / ٣٩٦).
[٢]هؤلاء الجماعة هم
الفراء وهشام ومن تابعهما من الكوفيين (انظر المغني : ٢ / ٤٩٤) وفيه الآية
المذكورة.
[٤] أي خبرا لتكون ،
وهي ضمير فصل وهو ضعيف قال أبو البقاء العكبري (أَنْ
تَكُونَ)
مخافة أن تكون ، و (أُمَّةٌ)
اسم كان أو فاعلها إن جعلت كان التامة ، و (هِيَ
أَرْبى)
جملة في موضع نصب أو في موضع رفع على الصفة ، ولا يجوز أن تكون (هِيَ)
فصلا ؛ لأن الاسم الأول نكرة (التبيان في إعراب القرآن : ٢ / ٨٠٦).
[٦]سورة هود : ٧٨.
والقراءة لسعيد بن جبير وعيسى الثقفي وآخرين وهي شاذة (المحتسب لابن جني : ١ / ٣٢٥)
كما خرجت قراءة النصب على غير ضمير الفصل ، فقيل : هنّ مبتدأ ، ولكم : خبر ، وأطهر
: حال ، وضعفه ابن هشام بأن الحال لا تتقدم على عاملها الظرفي عند أكثرهم (المغني
: ٢ / ٤٩٤) والقراءة المشهورة بالرفع على الخبرية.
اسم الکتاب : شرح التّسهيل المسمّى تمهيد القواعد بشرح تسهيل الفوائد المؤلف : ناظر الجيش الجزء : 1 صفحة : 567