فأعاد الضمير
على الشر أيضا وإن لم يذكر ؛ لأنه يصاحب الخير في الذكر والاستحضار.
الثالثة
: الاستغناء
بذكر المصاحب في الاستحضار لا في الذكر ، وذلك نحو قوله تعالى : (إِنَّا جَعَلْنا فِي أَعْناقِهِمْ
أَغْلالاً فَهِيَ إِلَى الْأَذْقانِ)[٣]. فهي عائدة على الأيدي لأنها تصاحب الأعناق في الأغلال
؛ فأغنى ذكر الأعناق عن ذكرها.
ومثله قوله
تعالى : (وَما يُعَمَّرُ مِنْ
مُعَمَّرٍ وَلا يُنْقَصُ مِنْ عُمُرِهِ)[٤] أي من عمر غير المعمر ، فأعيد الضمير على غير المعمر ؛
لأن ذكر المعمر مذكر به لتقابلهما ، فكان مصاحبه في الاستحضار الذهني. ـ
رجال شجعان. وصار حال
هؤلاء يشبه حال رجل له إبل سلمها للموت يأكلها واحدا بعد الآخر.
وقد استشهد شراح الألفية (الأشموني : ٢
/ ٢٨٤) بالبيت الأول على عمل المصدر المقترن بأل وهو قليل ، كما استشهد شراح
التسهيل بالبيت الثاني على ذكر مصاحب بوجه ما على ما يعود إليه الضمير كما هو في
الشرح. وانظر البيتين في شرح التسهيل (١ / ١٥٨) ، وفي التذييل والتكميل (٢ / ٢٥٧)
، وفي معجم الشواهد (ص ٢٢٣).
[١] قال ابن مالك
بعده : ومثل هذا قوله تعالى : (حَتَّى
تَوارَتْ بِالْحِجابِ)[ص
: ٣٢] ففاعل توارت ضمير الشمس ، ولم تذكر ؛ لكن أغنى عن ذكرها ذكر العشي وأول وقت
الزوال. قال : ويجوز أن يكون فاعل توارت : ضمير الصافنات (شرح التسهيل : ١ / ١٧٦).
[٢] البيت من بحر
الوافر للمثقب العبدي ، من قصيدة له مشهورة رقيقة في الغزل والوصف (المفضليات
للضبي : ص ٥٧٤) وبيت الشاهد آخر أبياتها وليس بعده إلا قوله :
أألخير الّذي أنا أبتغيه
أم الشّرّ الّذي هو يبتغيني
وشاهده واضح ، والبيت في شرح التسهيل (١
/ ١٥٩) ، وفي التذييل والتكميل (٢ / ٢٥٧) ، وفي معجم الشواهد (ص ٤٠٩) ، وفي الشعر
والشعراء (١ / ٤٠٢).
ترجمة الشاعر :
المثقب العبدي هو محصن بن ثعلبة قديم جاهلي ، عاش في زمن عمرو بن هند ومدحه ، وله
معان أخذها عنه الشعراء بعده ، وله مفضليات وأبيات في الحكم والأمثال ، وأشهر
قصائده في ذلك القصيدة التي منها الشاهد. (انظر ترجمته وأخباره في الشعر والشعراء
: ١ / ٤٠٢).