«وأيضا فإن
الوقف على نحو هل يفعلن بحذف نون التوكيد وثبوت نون الرفع ؛ فلو كان قبل الوقف [١
/ ٥٦] مبنيّا لبقي بناؤه ؛ لأن الوقف عارض ، فلا اعتداد بزوال ما زال لأجله كما لا
اعتداد بزوال ما زال لالتقاء الساكنين نحو : هل تذكر الله والأصل تذكرن ، فحذفت
النون الخفيفة لالتقاء الساكنين وبقيت فتحة الراء الناشئة عن النون مع كونها زائلة
؛ لأن زوالها عارض فلم يعتد به ، ولا فرق بين العروضين فلو كان ليفعلن ونحوه قبل
الوقف بناء لاستصحب عند عروض الوقف كما استصحب بناء هل تذكر الله ، عند عروض
التقاء الساكنين» ، انتهى [٢].
وتقرر
أن المذاهب في المؤكد بالنون ثلاثة : البناء مطلقا والإعراب مطلقا والتفصيل بين أن تتصل به
فيبنى أو لا تتصل به فيعرب وهو الصحيح.
وأما
نون الإناث : فالمتصل بها مبني ، وبناؤه على السكون. وذهب بعضهم إلى أنه معرب ، وهو ابن
درستويه [٣] ومتابعوه [٤].
قال
المصنف : والأصح من
أسباب بنائه ما ذهب إليه سيبويه [٥] : من أنه يبنى حملا على الماضي المتصل بها ؛ لأن أصل كل
واحد منهما البناء على السكون ، فأخرج عنه المضارع إلى الإعراب للمناسبة التي تقدم
ذكرها ، وأخرج عنه الماضي إلى الفتح ؛ تفضيلا له على الأمر لشبهه بالمضارع في
وقوعه صفة وصلة وحالا وشرطا ومسندا بعد كان وإن وظن وأخواتها بخلاف الأمر ؛
فاشتركا في العود إلى الأصل بالنون كما اشتركا في الخروج عنه بالمناسبتين
المذكورتين [٦].
وقيل
: إنما بني
المتصل بنون الإناث لتركبه معها ؛ لأن الفعل والفاعل كشيء ـ
[٣] هو أبو محمد عبد
الله بن جعفر بن المرزبان ، اشتهر بالنحو وعلا قدره وانتصر للبصريين ، صحب المبرد
ولقي ابن قتيبة وأخذ عن الدارقطني ، عمر طويلا حيث ولد سنة (٢٥٢ ه) ومات سنة (٣٤٧
ه) ببغداد.
مصنفاته :
صنف الإرشاد في النحو ، شرح فصيح ثعلب ، غريب الحديث ، معاني الشعر ، المقصور
والممدود ، ولم أعثر له على كتاب. انظر ترجمته في بغية الوعاة : (٢ / ٣٦) ،
الأعلام (٤ / ٢٠٤).
[٤]هم السهيلي وابن
طلحة وطائفة من النحويين. انظر التذييل والتكميل (١ / ١٢٩) ، الهمع (١ / ١٨) ،
حاشية الصبان (١ / ٢٥).