وردّ
الأول : بأن زمان
الحال عند النحويين ، ليس بالآن الفاصل بين الماضي والمستقبل وإنما هو الماضي غير
المنقطع.
[١ / ٣٥] وقال المصنف : «كثير من الناس يعتقدون أن الحال هو المقارن وجود معناه لوجود لفظه. وليس
كذلك ؛ بل مقصود النحويين أنّ الحال ما قارن وجود لفظه وجود جزء من معناه ، كقولنا
: هذا زيد يكتب ، فيكتب هنا : حال ، ووجود لفظه مقارن لوجود بعض الكتابة لا
جميعها. وعبر بالحال عن اللّفظ الدالّ على الجميع ؛ لاتصال أجزاء الكتابة بعضها
ببعض» [١].
ورد
الثاني[٢] بأنه قد وجد ذلك في كلامهم ، وهو رائحة ؛ فإنها تقع على
جميع الروائح وليس لها اسم إلا ذلك اللفظ المشترك.
فإن
قيل : إنها تخصص بالإضافة
، كرائحة المسك ورائحة العنبر.
قيل
: وكذلك يفعل ،
يتخصص بالسين وسوف وبالآن ، وما في معناها.
وفي
هذا الرد الثاني نظر : فإن رائحة من قبيل اللفظ المتواطئ لا المشترك [٣]. ثم إن المنكرين لفعل الحال ، منهم من أنكر زمانه أيضا
محتجّا بأنه إن وقع ، فهو ماض وإن لم يقع فهو مستقبل ، ولا سبيل إلى ثالث.
والدليل
على وجود زمن الحال : أن الموجود في محال وجوده لا بد له من زمان ، وهو منحصر في الماضي
والمستقبل ، على ما زعمت ، وهما معدومان ولا يتصور وجود موجود في زمن معدوم ؛ فثبت
زمن الحال. ـ
[١]انظر شرح التسهيل
: (١ / ١٨) ومن تعليله في ذلك أيضا قوله :
لأن مدة وجود اللفظ لا تتسع لوجود معنى
الفعل ، وذكر أن المخبر بالفعل الماضي يتقدم شعوره بمضيه على التعبير عنه ،
والمخبر بالمستقبل يتقدم شعوره باستقباله على التعبير عنه. فكذا المخبر بالحال ،
لا بد من تقدم شعوره بحاليته على التعبير عنه. وذلك موجب لعدم المقارنة المتوهمة.
[٣] المشترك : هو
اللفظ الواحد الذي يطلق على عدة معان إطلاقا وضعيّا حقيقيّا ، كإطلاق العين على
الباصرة والبئر وغيرهما.
والمتواطئ : هو المتفق والألفاظ المتواطئة
هي المتفقة في المعنى ، ثم تخصص بالإضافة أو بالوصف. ومن أمثلتها كما مثل الشارح :
لفظ رائحة ، فإنها تطلق على كثير ، ثم تخصص بالإضافة ، فيقال : رائحة المسك ورائحة
العنبر ، ومن ذلك أيضا : لفظ الفعل ؛ فإنه يطلق على أنواع ثم يتخصص بالزمان.
اسم الکتاب : شرح التّسهيل المسمّى تمهيد القواعد بشرح تسهيل الفوائد المؤلف : ناظر الجيش الجزء : 1 صفحة : 184