كتب معاوية إلى عامله بالكوفة أن يوفد إليه
الزرقاء بنت عدي الهمدانية مع ثقة من ذوي محارمها وعدة من فرسان قومها ... فلما
دخلت على معاوية قال : مرحبا وأهلا! قدمت خير مقدم قدمه وافد ، كيف حالك؟
قالت : بخير يا أمير المؤمنين أدام الله
لك النعمة ، قال : كيف كنت في مسيرك؟ قالت : ربيبة بيت أو طفلا ممهدا ، قال : بذلك
أمرناهم ، أتدرين فيم بعثت إليك؟
قالت : أنى لي بعلم ما لم أعلم؟ قال : ألست
الراكبة الجمل الأحمر والواقفة بين الصفين [يوم صفين] تحضين على القتال وتوقدين
الحرب؟ فما حملك على ذلك؟ قالت : يا أمير المؤمنين مات الرأس وبتر الذنب ، ولم يعد
ما ذهب ، والدهر ذو غير ، ومن تفكر أبصر ، والأمر يحدث بعد الأمر ،
قال لها معاوية : [صدقتِ] أتحفظين كلامك؟
[يوم صفين] قالت : لا والله! لا أحفظه ، ولقد أنسيته ،
قال : لكني أحفظه ، لله أبوك! حين
تقولين :
أيها الناس! ارعووا وارجعوا ، ... إن
المصباح لا يضئ في الشمس ، ولا تنير الكواكب مع القمر ، ولا يقطع الحديد إلا
الحديد ، إن الحق كان يطلب ضالته فأصابها ، فصبرا يا معشر المهاجرين [والأنصار] على
الغصص ، ألا وإن خضاب النساء الحناء وخضاب الرجال الدماء ، ولهذا اليوم ما بعده ، والصبر
خير في الأمور عواقبا ، إيها في
[١] ابن عساكر ، تاريخ
مدينة دمشق ج ٧٣ ص ١٦٨ ـ ١٦٩. وابن بكار الضبي ، اخبار الوافدات من النساء ص ٦٧.
وابن عبد ربه ، العقد الفريد ، ج ١ ص ٢١٨.
اسم الکتاب : الإمام الحسن عليه السلام في مواجهة الانشقاق الأموي المؤلف : البدري، سامي الجزء : 1 صفحة : 129