البركة في صغرها ، ونفذت
إلى أحشائها هذه العلقة وإلى رحمها وتغذّت بدمها حتّى بلغت هذا الحجم.
ثمّ أقام هؤلاء الفتيان الأربعة في
الكوفة وأعرضوا عن معاوية وترسّخت عقيدتهم بالإمام وزاد يقينهم به ، زوّجوا أُختهم في الكوفة ، ولازموا الإمام
وأقاموا معه ، وصحبوا الإمام الحسن بعد شهادة أميرالمؤمنين عليهالسلام
، ثمّ صحبوا الحسين سيّد الشهداء بعد وفاة الإمام الحسن عليهالسلام
إلى أن استشهدوا معه بأرض كربلاء رضوان الله عليهم [١].
أقول : في الكتاب المذكور رواية أُخرى
تشبه الرواية المتقدّمة بسنده عن عمّار ابن ياسر ، وقد رواها المجلسيّ في
تاسع البحار ونقلها السيّد البحراني في مدينة المعاجز ، وأنا أذكر ملخّصاً
لها هنا لمناسبتها للرواية التي سلفت وإن كان موضوعها خارجاً عمّا نحن فيه ،
وربّما كانت الروايتان واحدة لشدّة شبه أحدهما بالأُخرى.
عن بصير بن مدرك قال : حدّثني عمّار بن
ياسر ذوالفضل والمآثر ، قال : كنت بين يدي أميرالمؤمنين عليّ بن أبي طالب عليهالسلام
وكان يوم الاثنين لسبع عشرة ليلة خلت في صفر وإذا بزعقة قد ملأت المسامع وكان عليّ عليهالسلام
على دكّة القضاء ، فاقل : يا عمّار ، ائت بذي الفقار ، وكان وزنه سبعة أمنان وثلثا منّ بالمكّيّ ، فجئت
به ، فانتضاه من غمده ـ فصاح من عمده ـ وتركه وقال : يا عمّار ، هذا يوم يكشف
[١] أقول ما تزال
حكاية عالقة بذهني عن الرازي الطبيب ، فقد جائه مريض لا يشكو إلّا من خروج
قطع من الدم في أخلاطه ، ففكّر الرازي ثمّ قال له : هل اجتزت بماء آسن
فشربت منه؟
قال : أجل ، فأعطاه الرازي نباتاً شديد المرارة وأمره بمضغه بين الحين
والحين حتّى خرجت علقة
من حلقه ، وجاء الرازي فأخبره ، فقال له : نعم إنّ علقاً في ذلك الماء دخل
إلى حلقك ومازال
به حتّى كبر ، وبمضغك للمرّ تقلّص الحلق حتّى اقتلعه ورمى به. (المترجم)