..... _____________________________ و
المفید و غیرهما من المتقدمین رحمهم اللّه من أنّها: «اجتناب المعاصی عن
ملکة» فالظاهر عدم اختلافهم مع المشهور. فی الواقع، لأنّهم لا یقولون
بأنّها مجرد الملکة و لو لم تظهر آثارها الخارجیة، بل لا یعقل هذا الاحتمال
فی حد نفسه، لأنّ ملکة إتیان الواجبات و ترک المحرّمات لا تنفک عن إتیانها
و ترکها فهما متلازمان عرفا بل حقیقة فلا فرق فی التعبیر بأنّها اجتناب
المعاصی عن ملکة، أو التعبیر بأنّها ملکة اجتناب المعاصی- لما عرفت أنّ
کلّا منهما ملازم للآخر. و أما من عبّر بأنّها: مجرد ترک المعاصی أو خصوص الکبائر منها ما نسب ذلک إلی الحلّی و المجلسی و غیرهما، بل قد نسب إلی الأشهر. فإن
أرادوا بذلک کفایة ترکها فی تحقق العدالة فی الجملة، و لو بنحو الحالة و
أنّه لا یضر ارتکاب الکبیرة فیها، أحیانا. فهو خلاف الإجماع و النص و سیرة
المتشرعة. و إن أرادوا المواظبة علی ترکها و الاستمرار، فلا ینفک عن
الملکة- لما یأتی- من أنّ للملکة مراتب متفاوتة یکفی أدناها فی تحقق
العدالة. و أما من عبّر بأنّها: مجرد حسن الظاهر کما نسب ذلک إلی بعض القدماء. فإن
أرادوا أنّها مجرد حسن الظاهر و أنّ له موضوعیة خاصة فی العدالة، و إن علم
أنّه یرتکب المعاصی فی الخلوات، أو جوّزوا ترتیب آثار العدالة علی مجهول
الحال، فالظاهر تحقق الإجماع علی خلافه: و إن أرادوا أنّ من حسن الظاهر
تستکشف العدالة ما لم یعلم الخلاف فهو مسلّم کما سیأتی. الثالثة: الظاهر
صحة إضافة العدالة إلی کلّ من الفعل و الفاعل معا لمکان التضائف بینهما.
فمن واظب علی إتیان الواجبات و ترک المحرّمات یصح أن یقال: إنّه عادل، کما
یصح أن یقال: إن ترک المعاصی و فعل الواجبات، عدل. و هکذا الفسق، فیصح
استناده إلی کلّ من الفعل و الفاعل فیقال: الغیبة فسق، و المغتاب (الفاعل)
فاسق، و لا ثمرة عملیة و لا علمیة فی ذلک. الرابعة: للملکات النفسانیة-
مطلقا عدالة کانت أو غیرها- مراتب متفاوتة جدّا، کما هو معلوم لکلّ أحد. و
یکفی فی ملکة العدالة فیما یترتب علیها من الأحکام أدناها، إن صدق الستر و
العفاف و إتیان الواجبات و ترک المحرّمات عند