اسم الکتاب : المجالس السنيّة في مناقب ومناصب العترة النبويّة المؤلف : الأمين، السيد محسن الجزء : 1 صفحة : 208
وجعل يصيح : يا
أبتاه يا يعقوب! لو تعلم ما يُصنع بابنك بنو الإماء. فقال لهم يهوذا : أليس قد
أعطيتموني موثقاً أنْ لا تقتلوه؟ فانطلقوا به إلى الجُبّ ، (فَلَمّا
ذَهَبُوا بِهِ وَأَجْمَعُوا أنْ يَجْعَلُوهُ فِي غَيَابَتِ الْجُبّ) : أدنوه من رأس الجُبّ ، فقالوا له :
انزع قميصك. فبكى وقال : يا إخوتي لا تجردوني. فسلّ واحدٌ منهم عليه السّكين ،
وقال : لئن لم تنزعه لأقتُلنّك. فنزعه ، فجعلوا يدلونه في البئر وهو يتعلّق بشفير
البئر ، فربطوا يديه وهو يقول : يا إخوتاه لا تفعلوا! ردّوا عليّ قميصي أتوارى به
في الجُبّ. فيقولون : ادعُ الشّمس والقمر والأحد عشر كوكباً تؤنسك. فدلّوه في
الجُبّ ، فلمّا بلغ نصفه ، ألقوه إرادة أنْ يموت. وكان في البئر ماء فسقط فيه ،
ثمّ آوى إلى صخرة فقام عليها ، فنادوه ، فظنّ أنّهم رحموه فأجابهم ، فأرادوا أنْ
يرضخوه بالحجارة ، فمنعهم يهوذا ، (وأوحينا إليه
لَتُنَبّئَنّهُم بِأَمْرِهِمْ هذَا)
: لتخبرنّهم بفعلهم بعد هذا الوقت ، وهو قوله : هَلْ عَلِمْتُم مّا فَعَلْتُم
بِيُوسُفَ وَأَخِيهِ (وَهُمْ لاَ
يَشْعُرُونَ)
إنّك يوسف. (وَجَاءُوا أَبَاهُمْ) : عادوا إلى أبيهم (عشاء يبكون) ، فلمّا سمع بكاءهم فزع وقال : ما
بالكم؟ (قَالُوا يَا أَبَانَا إِنّا ذَهَبْنَا
نَسْتَبِقُ)
: نتراكض ونترامى بالسّهام لنعرف أيُّنا السّابق (وَتَرَكْنَا يُوسُفَ
عِندَ مَتَاعِنَا فَأَكَلَهُ الذّئْبُ وَمَا أَنتَ بِمُؤْمِنٍ لَنَا) : بمصدق لنا (وَلَوْ
كُنّا صَادِقِينَ * وَجَاءُوا عَلَى قَميِصهِ بِدَمٍ كَذِبٍ قَالَ بَلْ سَوّلَتْ
لَكُمْ أَنْفُسُكُمْ أَمْراً فَصَبْرٌ جَمِيلٌ وَاللّهُ الْمُسْتَعَانُ عَلَى مَا
تَصِفُونَ)قيل
: إنّهم ذبحوا سخلة وجعلوا دمها على قميصه ولم يُمزّقوه ، ولم يخطر ببالهم أنّ
الذّئب إذا أكل إنساناً مزّق ثوبه. فقال لهم : أروني القميص. فلمّا رأى القميص
صحيحاً ، قال : يا بَنيَّ ، والله ، ما عهدت كاليوم ذئباً أحلم من هذا ، أكل ابني
ولم يُمزّق ثوبه! ثمّ بكى بُكاءً طويلاً ، ثمّ أخذ القميص يُقبّله ويشمّه. هذا
يعقوب مع أنّه نبيّ ابن أنبياء ، بكى لمّا رأى قميص ولده حتّى غُشي عليه ، وهو لم
يتحقق موته. ساعد الله قلب أبي عبد الله الحسين (ع) الذي رأى ولده عليّاً الأكبر ،
شبيه رسول الله (ص) بخلقه وخُلقه ، مُقطّعاً بالسّيوف ، مُجرّحاً بالرّماح
والسّهام ، نادى : «قتل الله قوماً قتلوك يا بُني ، ما أجرأهم على الرّحمن وعلى
انتهاك حُرمة الرّسول! على الدّنيا بعدك العفا» :
كنتَ السّوادَ لناظري
فعليك يبكي النّاظرُ
مَن شاءِ بعدَك فليمُتْ
فعليك كنتُ اُحاذرُ
اسم الکتاب : المجالس السنيّة في مناقب ومناصب العترة النبويّة المؤلف : الأمين، السيد محسن الجزء : 1 صفحة : 208