[1] تجد هذه الخطبة الجليلة- التي هي حقا من معجزات
أمير المؤمنين( ع) و لو لم تكن له معجزة سواها لكفى، كما لو لم يكن لرسول اللّه
صلّى اللّه عليه و آله معجزة سوى أمير المؤمنين( ع) لكفى- في ج 2 ص 142 من نهج
البلاغة قال السيّد الرضي( قدّس سرّه)( و تجمع هذه الخطبة من أصول العلوم ما لا
تجمعه خطبة) و أولها كما هي مثبتة في النهج:
« ما وحده من كيفه، و لا حقيقته
أصاب من مثله، و لا إياه عنى من شبهه، و لا صمده من أشار إليه و توهمه، كل معروف
بنفسه مصنوع، و كل قائم في سواه معلول فاعل لا باضطراب آلة، مقدور لا بجول فكرة،
غني لا باستفادة، لا تصحبه الأوقات و لا ترفده الأدوات، سبق الأوقات كونه، و العدم
وجوده، و الابتداء أزله، بتشعيره المشاعر عرف أن لا مشعر له، و بمضادته بين الأمور
عرف أن لا ضد له، و بمقارنته بين الأشياء عرف أن لا قرين له، ضاد النور بالظلمة، و
الوضوح بالبهمة، و الجمود بالبلل و الحرور بالصرد، مؤلف بين متعادياتها، مقارن بين
متبايناتها، مقرب بين متباعداتها مفرق بين متدانياتها، لا يشمل بحد ... الخ.
[2]( لا يشمل بحد) من الحدود المنطقية، المركبة من
الجنس و الفصل، و ذاته خالية من التركيب أو من الحدود و الأبعاد الهندسية التي هي
من لوازم الأجسام و ذاته تعالى ليست بجسم.
( و لا يحسب بعد) لعدم المماثل له
و واجب الوجود لا يتعدّد كما هو ثابت في محله كما أن صفاته عين ذاته غير زائدة
عليها فلا تدخل تحت العدد، و لا بداية لوجوده حتّى يقال: كان منذ كذا و كذا( و
إنّما تحد الأدوات أنفسها) لتركيبها من جنس و فصل و لكونها من الأجسام فتشملها
الحدود و الأبعاد الهندسية.
( و تشير الآلات إلى نظائرها)
فتدخل تحت العدد و قد( منعتها- إطلاق لفظة:- منذ- عليها- القدمة) في قولنا وجدت
هذه الآلات و الأدوات منذ كذا، و متى كان للشيء ابتداء فهو غير قديم.
( و حمتها- إطلاق لفظة- قد-
عليها- الأزلية، في قولنا قد وجدت هذه الآلات و الأدوات منذ كذا لأنّ قد تفيد
تقريب الزمان الماضي من الحال، و متى تعين زمن وجود الشيء انتفت أزليته.
( و جنبتها- إطلاق كلمة: لو لا-
عليها- التكملة) في قولنا: ما أحسن هذه الآلات و الأدوات لو لا أنّ فيها كذا
لدلالتها على امتناع كمال الشيء لوجود نقص فيه.
و يمكن أن يكون المعنى: إنّ قدمه
و أزليته و كماله منعت من إطلاق لفظة( منذ و قد، و لو لا) على ذاته المقدّسة،
لدلالة هذه الألفاظ على الحدوث و الابتداء و النقص.
( بها) بتلك الآلات و الأدوات
ببديع صنعها، باتقانها، بحكمة تدبيرها( تجلى صانعها للعقول) التي هي طبعا بعض تلك
الآلات لدلالة الأثر على المؤثر( و امتنع) بدليل تجرده و تنزهه عن المادة و
الجسمية و اللون و الجهة التي هي من لوازم المرئيات( عن نظر العيون).