[1] الحركة سواء كانت بمعناها الفلسفي الذي هو:(
الخروج من القوّة إلى الفعل) أو بمعناها الفيزيائي الذي هو:( الانتقال من مكان إلى
آخر) فهي تتقوم بالتدرج و الانتقال من حال الى حال و من مكان إلى آخر و تخلع صورة
و تلبس اخرى و تصل الى جزء و تنفصل عن سابقه و هكذا، و يقابلها السكون الذي هو:(
التوقف و الخمود فيما يقبل الحركة): و الحركة و السكون كلاهما من الحوادث المستندة
في وجودها إلى علة و حيث ثبت أن لا موجد الا اللّه و لا خالق سواه فيكون هو الذي
خلقهما و أجراهما على نفسه، و أحدثهما في ذاته، و لاستحالة أن يكون مخلوقه جزء
ذاته، نفى أمير المؤمنين( ع) ذلك في صورة استفهام إنكاري في قوله:( و كيف يجري
عليه ما هو أجراه و يعود إليه ما هو أبداه، و يحدث فيه ما هو أحدثه؟!!) ثم أنه( ع)
شرع في إقامة الأدلة على استحالة هذه النسبة فقال:
1-« إذا لتفاوتت ذاته» أي: تغيرت.
لا؟؟؟ تكون متحركة تارة و ساكنة اخرى فالحركة و السكون من الحوادث المتغيرة، فيكون
محلا للحوادث، و ذلك من لوازم الإمكان فيكون واجب الوجود ممكن الوجود، و هو
مستحيل.
2-( و لتجزأ كنهه) لأن الحركة و
السكون من لوازم الأجسام و الأجسام مركبة فيلزم حقيقته التركيب و هو باطل.
3-( و لامتنع من الأزل معناه)
لأنّ الحركة و السكون من لوازم الأجسام الحادثة و الحادث لا يكون أزليا.
4-( و لكان له وراء إذ وجد له
أمام) إذ لو جرت عليه الحركة لكان له أمام يتحرك نحوه و حينئذ يلزم أن يكون له
وراء لأنهما أمران إضافيان لا ينفك أحدهما عن الآخر و حينئذ يكون له وجهان و كل ذي
وجهين منقسم و كل منقسم ممكن.
5-( و لا التمس التمام إذ لزمه
النقصان) إذ هو في حركته يتوجه نحو غاية اما لجلب نفع او لدفع ضرر، و ذلك كمال
مطلوب له لنقصان لازم لذاته و ذلك يستلزم الإمكان فهو باطل.
و« إذا لقامت آية المصنوع فيه» و
ثبت إمكانه و حدوثه« و لتحول دليلا» يستدل بوجوده على خالقه« بعد أن كان مدلولا
عليه».
[2] أي حرج بسلطان امتناعه التجردي، و عدم شموله
بحد، و دخوله تحت العدد و امتناعه عن نظر العيون، و عدم جريان الحركة و السكون
عليه خرج بهذا السلطان من أن يؤثر فيه ما يؤثر في غيره من الممكنات.
[4] الولادة تحصل بانفصال شيء عن آخر من جنسه و
نوعه، فالوالد و الولد يشتركان في النوع و الصنف و العوارض، و لا يكون هذا
الانفصال و التجزي الا بواسطة المادة القابلة للتجزئة، و إذا كان كذلك فهو متولد
من مادة و صورة و يحتمل أن يكون المراد بالمولود المخلوق، فيكون المعنى لم يلد فيثبت
كونه جسما مخلوقا. و على كلا التقديرين سواء كان مولودا من مادة و صورة، أو كان
جسما مخلوقا، فإنه يكون محدودا بالحدود المنطقية، و الأبعاد الهندسية.
[5] لا تناله الأوهام فتقدره بمقدار و كم و شكل و
كيف، و الفطنة سرعة الفهم و لا تتوهمه الفطن فتصوره بصور خيالية او عقلية، و لا
تدركه الحواس بنحو المباشرة و لا تلمسه و تحسه الأيدي بنحو المماسة، و لا يتغير
أبدا و لا يوصف بالغيرية و الابعاض فصفاته لا يغاير-- بعضها بعضا، و ليس هو بذي
مكان يحويه، فيرتفع بارتفاعه و ينخفض بانخفاضه، كما أنّه غير محمول على شيء
فيميله إلى جانب، أو يعدله على ظهره من غير ميل.