responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : نهج البلاغه با ترجمه فارسى روان المؤلف : مكارم شيرازى، ناصر    الجزء : 1  صفحة : 244

وَ عَزِيزُهَا مَغْلُوبٌ، وَ مَوْفُورُهَا مَنْكُوبٌ. وَ جَارُهَا مَحْرُوبٌ. أَلَسْتُمْ فِي مَسَاكِنِ مَنْ كَانَ قَبْلَكُمْ أَطْوَلَ أَعْمَاراً، وَ أَبْقَى آثَاراً، وَ أَبْعَدَ آمَالًا، وَ أَعَدَّ عَدِيداً، وَ أَكْثَفَ جُنُوداً! تَعَبَّدُوا لِلدُّنْيَا أَيَّ تَعَبُّدٍ، وَ آثَرُوهَا أَيَّ إِيثَارٍ. ثُمَّ ظَعَنُوا عَنْهَا بِغَيْرِ زَادٍ مُبَلّغٍ وَ لَا ظَهْرٍ قَاطِعٍ. فَهَلْ بَلَغَكُمْ أَنَّ الدُّنْيَا سَخَتْ لَهُمْ نَفْساً بِفِدْيَةٍ، أَوْ أَعَانَتْهُمْ بِمَعُونَةٍ، أَوْ أَحْسَنَتْ لَهُمْ صُحْبَةً! بَلْ أَرْهَقَتْهُمْ بِالْقَوَادِحِ، وَ أَوْهَنَتْهُمْ بِالْقَوَارِعِ، وَ ضَعْضَعَتْهُمْ بِالنَّوَائِبِ، وَ عَفَّرَتْهُمْ لِلْمَنَاخِرِ، وَ وَطِئَتْهُمْ بِالْمَنَاسِمِ، وَ أَعَانَتْ عَلَيْهِمْ «رَيْبَ الْمَنُونِ». فَقَدْ رَأَيْتُمْ تَنَكُّرَهَا لِمَنْ دَانَ لَهَا، وَ آثَرَهَا وَ أَخْلَدَ الَيْهَا، حِينَ ظَعَنُوا عَنْهَا لِفِرَاقِ الْأَبَدِ. وَ هَلْ زَوَّدَتْهُمْ إِلَّا السَّغَبَ، أَوْ أَحَلَّتْهُمْ إِلَّا الضَّنْكَ، أَوْ نَوَّرَتْ لَهُمْ إِلَّا الظُّلْمَةَ، أَوْ أَعْقَبَتْهُمْ إِلَّا النَّدَامَةَ! أَفَهذِهِ تُؤْثِرُونَ، أَمْ إِلَيْهَا تَطْمَئِنُّونَ؟ أَمْ عَلَيْهَا تَحْرِصُونَ؟ فَبِئْسَتِ الدَّارُ لِمَنْ لَمْ يَتَّهِمْهَا، وَ لَمْ يَكُنْ فِيهَا عَلَى وَجَلٍ مِنْهَا! فَاعْلَمُوا- وَ أَنْتُمْ تَعْلَمُونَ- بِأَنَّكُمْ تَارِكُوهَا وَ ظَاعِنُونَ عَنْهَا. وَ اتَّعِظُوا فِيهَا بِالَّذِيْنَ قَالُوا: «مَنْ أَشَدُّ مِنَّا قُوَّةً». حُمِلُوا إِلَى قُبُورِهِمْ فَلا يُدْعَوْنَ رُكْبَاناً، وَ أُنْزِلُوا الْأَجْدَاثَ فَلَا يُدْعَوْنَ ضِيفَاناً. وَجُعِلَ لَهُمْ مِنَ الصَّفِيحِ أَجْنَانٌ، وَ مِنْ التُّرَابِ أَكْفَانٌ، وَ مِنْ الرُّفَاتِ جِيرانٌ، فَهُمْ جِيرَةٌ لَايُجِيبُونَ دَاعِياً، وَ لَا يَمْنَعُونَ ضَيْماً، وَ لَا يُبَالُونَ مَنْدَبَةً. إِنْ جِيدُوا لَمْ يَفْرَحُوا، وَ إِنْ قُحِطُوا لَمْ يَقْنَطُوا. جَمِيعٌ وَ هُمْ آحَادٌ، وَ جِيرَةٌ وَ هُمْ أَبْعَادٌ. مُتَدَانُونَ لَا يَتَزَاوَرُونَ، وَ قَرِيبُونَ لَايَتَقَارَبُونَ. حُلَمَاءُ قَدْ ذَهَبَتْ أَضْغَانُهُمْ. وَجُهَلَاءُ قَدْ مَاتَت أَحْقَادُهُمْ، لَا يُخْشَى فَجْعُهُمْ، وَ لَايُرْجَى دَفْعُهُمْ، اسْتَبْدَلُوا بِظَهْرِ الْأَرْضِ بَطْنَاً، وَ بِالسَّعَةِ ضِيقاً، وَ بِالْأَهْلِ غُرْبَةً، وَ بِالنُّورِ ظُلْمَةً. فَجَاءُوهَا كَمَا فَارَقُوهَا، حُفَاةً عُرَاةً، قَدْ ظَعَنُوا عَنْهَا بأَعْمَالِهِمْ إِلَى الْحَيَاةِ الدَّائِمَةِ وَ الدَّارِ الْبَاقيَةِ، كَمَا قَالَ سُبْحَانَهُ وَ تَعَالَى: «كَمَا بَدَأْنَا أَوَّلَ خَلْقٍ نُعِيدُهُ وَعْداً عَلَيْنَا إِنَّا كُنَّا فَاعِلِينَ».

اسم الکتاب : نهج البلاغه با ترجمه فارسى روان المؤلف : مكارم شيرازى، ناصر    الجزء : 1  صفحة : 244
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست