ومسائلهم منالنبيّ صلى الله عليه و آله كلّ على أساس قدرته واستعداده [1].
في هذه المرحلة تمّ إبلاغ القرآن الكريم للناس بشكل كامل وصدر الأمر بجمعه
وتدوينه أيضاً، وقام رسول اللَّه صلى الله عليه و آله بتعليم سنّته للناس أيضاً،
وهذه السنّة انتقلت بشكل كامل بواسطة الإمام عليّ عليه السلام إلى الأئمّة من
أهلالبيت عليهم السلام.
إنّ جميع المذاهب الإسلامية، ترى أنّ أول مرحلة من المراحل الفقهية لتلك
المذاهب هي ما يتّصل بعصر الرسول الأكرم صلى الله عليه و آله ومن هنا نحن نشرع
باستعراض المراحل الفقهية المختلفة بعد هذه المرحلة حيث شرعت الفرق والمذاهب
الإسلامية المختلفة بالظهور، ونبدأ بالمراحل التاريخية لفقه الإمامية.
المراحل التسع لفقه أهل البيت عليهم السلام:
خصائص فقه أهل البيت عليهم السلام:
إنّ فقه الشيعة، الذي هو فقه أهل البيت عليهم السلام، انطلق من رحاب الرسالة
المحمّدية، ثمّ خاض في تفريع مسائله أهل بيت النبيّ صلى الله عليه و آله الطاهرين
فنال الرعاية الكافية من قِبلهم.
وقد واجه المذهب الفقهي لفقهاء الشيعة تحوّلات كبثيرة على امتداد تاريخه،
وخاصّة في عصر أئمّة أهلالبيت عليهم السلام، فأحياناً وبسبب الضغوط والتحدّيات
التي يفرضها الواقع السياسي يواجه هذا الفقه ركوداً، وأحياناً أخرى يعيش فرصاً
جيّدة وظروفاً مناسبة بسبب صراع السلطة السياسية مع القوى المناهضة، وهي فترة
انتقال القدرة وتغيير الحكومة، فيشهد الفقه حركة ونشاطاً متزايداً. وفي المراحل
اللاحقة بعد مرحلة أئمّة أهل البيت عليهم السلام، فإنّ الفقه الشيعي واجه أيضاً
حوادث مختلفة أدّت أحياناً إلى ركود علم الفقه، وأحياناً أخرى أدّت إلى زيادة
حركته ونشاطه في عملية الابداع الفقهي والتعمّق العلمي.
والنتيجة، فإنّ فقه الشيعة- منذ العصر الأول وإلى عصرنا الحاضر وبسبب انفتاح
باب الاجتهاد- مازال يشهد حركة تصاعدية نحو التطوّر والانتشار وبشكل ملحوظ.
وقبل دراسة المراحل الفقهية للشيعة الإمامية، نرى منالضرورة بيان
الخصائصالأساسية لفقه أهلالبيت عليهم السلام:
1. العمل بفقه أهل البيت عليهم السلام مجزٍ
من البديهيّ أنّ العمل بفقه أهل البيت عليهم السلام مجزٍ للمكلّف وسبب لنجاته،
وأوضح دليل على ذلك هو ما ورد في حديث «الثقلين» [2] المتواتر والمعروف، ومحتوى هذا الحديث يدلل
بوضوح على أنّ التمسّك بأهل بيت النبيّ صلى الله عليه و آله يساوق التمسّك بكتاب
اللَّه، وسبب للهداية والنجاة.
[1]. واختلف الأصحاب أيضاً في الأخذ
من الرسول الأكرم صلى الله عليه و آله حسب استيعابهم واستعدادهم، يقول مسروق (وهو
من التابعين): لقد جالست أصحاب رسول اللَّه صلى الله عليه و آله فوجدتهم كالاخاذ
فالاخاذ يروي الرجل والاخاذ يروى الرجلين والاخاذ يروى العشرة والاخاذ يروي المائة
والاخاذ لو نزل به أهل الأرض لاصدرهم. (الطبقات الكبرى لابن سعد، ج 2، ص 343)
[2]. ورد هذا الحديث بتعابير مختلفة
في كتب الشيعة والسنّة؛ من كتبالشيعة: الكافي، ج 1، ص 294؛ وسائل الشيعة، ج 18، ص
19؛ بصائر الدّرجات، ص 433؛ الإرشاد للشيخ المفيد، ج 1، ص 233؛ الأمالي للشيخ
الطوسي، ص 162؛ الإحتجاج للطبرسي، ج 1، ص 146 وبحارالأنوار، ج 23، ص 106-/ 147.
ومن مصادر أهل السنّة أيضاً يمكن الإشارة إلى هذه الكتب: صحيح مسلم، ج 4، ص 1873؛
سنن الترمذي، ج 5، ص 328؛ مسند أحمد، ج 3، ص 59؛ سنن البيهقي، ج 10، ص 114؛ مستدرك
الصحيحين، ج 3، ص 110 وكنز العمّال، ج 14، ص 435. وللمزيد انظر: نفحات القرآن، ج
9، ص 62-/ 71.