responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : موسوعة الفقه الاسلامي المقارن المؤلف : مكارم الشيرازي، الشيخ ناصر    الجزء : 1  صفحة : 527

أن تكون هناك معاملات ومقرّرات في العرف السائد بين الناس في حضور الأئمّة المعصومين عليهم السلام ولم يصدر منهم نهي عن هذه المعاملات والآداب، بحيث يفهم من سكوتهم هذا رضاهم عن هذه الأمور وإمضاؤهم لها.

مثلًا: كان المتداول بين الناس في ذلك الوقت أن يقوموا بدفن أمواتهم ثمّ يقيموا مراسم العزاء لهؤلاء الأموات، وعلى فرض أنّ النبيّ صلى الله عليه و آله أو الإمام المعصوم عليه السلام لم يتحدّث في هذا المجال بشي‌ء أي لم يردع عنه، فحينئذٍ يدلّ عدم الردع هذا على إمضاء الشارع لهذه السيرة، والكثير من الأحكام الإمضائية هي من هذا القبيل.

وهكذا بالنسبة للأصول والقواعد الأصولية والفقهية مثل حجّية خبر الواحد ومسألة التقليد وتبعيّة الجاهل في المسائل الفقهية للعلماء وأهل الخبرة، والتي قامت سيرة العقلاء وأهل العرف على ذلك، وقد أقرّ الشارع المقدّس هذه السيرة تارة بسكوته وعدم ردعه وأخرى بتصريحه بذلك. ومن هذا البحث نخرج بنتيجة مهمّة وهي أنّ الأحكام الإمضائية لا تعني انقلاب أحكام الإسلام إلى أحكام عرفيّة بحيث تكون سيرة العقلاء وأهل العرف في كلّ الموارد مقبولة في نظر الإسلام، بل يجب أن تكون ممضاة من قِبل الشارع المقدّس بأحد الطريقين المذكورين.

الأحكام الإمضائية وصيرورة الأحكام عرفيّة

ممّا تقدّم يتبيّن بوضوح أن تقسيم الأحكام إلى تأسيسية وإمضائية لايعني انقلابها إلى أحكام عرفية كما يتوهّم البعض وأنّه يجب التمسّك بالأحكام العرفية في كلّ عصر وزمان في غير دائرة العبادات، مثلًا ما هو معروف في هذا الزمان من حقوق الإنسان والمقرّرات التي تصدرها المنظمات الدولية أو الأحكام التي تقرّها مجالس التقنين في هذا الزمان، تكون مشروعة على هذا الأساس.

إنّ الطريق الذي اتّبعه هؤلاء كالتالي:

1. إنّ ظاهر التحوّل والتغيير في حركة الحياة للإنسان المعاصر والمجتمعات البشرية المعاصرة وما أفرزه التطوّر من اتّساع شبكة الاتّصالات بين المجتمعات والأفكار وتعقيداتها هي من جملة مظاهر «التمدّن» التي خلقت موضوعات جديدة أمام الوعي البشري.

2. ومن جهة أخرى فإنّ الإسلام خاتم الأديان وأنّ أحكامه وتكاليفه شاملة لكلّ عصر وزمان.

3. ومن جهة ثالثة نرى أنّ جميع الموضوعات لم يرد لها حكم في الكتاب والسنّة، وعليه لابدّ من إيجاد طريق للتخلّص من هذه المشكلة والعثور على ثغرة في هذا الطريق المسدود، وطريق الحلّ حسب ما يتصوّر هو: إنّ الأحكام الإسلامية تنقسم إلى قسمين:

ألف) قسم المناسك والعبادات والطقوس ممّا هو ثابت وغير قابل للتغيير، والعقل البشري لايدرك جميع المصالح الكامنة في هذا القسم من الأحكام، بل لابدّ للإنسان أن يتحرّك في العمل بذلك على أساس الوحي الإلهي.

ب) القسم الذي يتّصل بالأمور الاجتماعية.

والقوانين والمقرّرات في هذه الدائرة متغيّرة دائماً ولابدّ في إجرائها وعدم إجرائها من حساب المصلحة والضرر المترتّب عليها في الواقع الموضوعي وفي الخارج.

وهذا القسم من الأحكام يقع في دائرة عمل العقلاء الذين يتحرّكون دائماً من موقع إصدار المقرّرات والقوانين على أساس المصالح الموجودة ومن خلال المشورة فيما بينهم. وبما أنّ الحكومات الديمقراطية

اسم الکتاب : موسوعة الفقه الاسلامي المقارن المؤلف : مكارم الشيرازي، الشيخ ناصر    الجزء : 1  صفحة : 527
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست