بإمكانها جمع قوى وتيّارات مختلفة في عملية الحكم والنظام السياسي والاقتصادي
في ذلك المجتمع، وبالتالي إصدار الأحكام والمقرّرات على هذا الأساس، فمثل هذا
النظام يعتبر أعقل العقلاء والمقرّرات الصادرة للمجتمع تكون بعهدة العقلاء، لأنّ
أمور المواطنين ينبغي إدارتها وفق المصالح والمنافع الوطنية ومصالح المواطنين.
وعلى هذا الأساس فإنّ الحكومة في هذه الصورة تكون منشأ اعتبار الحقوق، وهذا هو
معنى عرفيّة الأحكام.
ومن جملة التعبيرات المطروحة لدى هؤلاء، مقولتهم بالنسبة لعرفية الأحكام، وهي
أنّ آليات الدين في داخله من شأنها تسريع عملية عرفية الأحكام، ومن جملة ذلك تقسيم
الأحكام إلى تأسيسية وإمضائية، بمعنى أنّ الإسلام قد أقرّ الكثير من الأحكام
العرفية التي كانت سائدة في عصر الجاهلية ولم يؤسّس من الأحكام إلّاما يقع في
دائرة «فقه العبادة» فلو أنّ نبيّ الإسلام صلى الله عليه و آله قد ظهر في زماننا
هذا، فإنّه سيقزّ الكثير من الأحكام العرفية الموجودة حالياً، ويؤيّد صحّتها، لأنّ
القوانين العرفية في زماننا هذا أفضل قطعاً من «فقه الجاهلية» وأكثر انسجاماً مع
القيم الأخلاقية والمثل الإنسانية.
وتعتقد جماعة من هؤلاء بأنّ هذه المشكلة غير موجودة في مذهب أهل السنّة،
لأنّهم يتحرّكون على مستوى الاستفادة من القياس والاستحسان والمصالح المرسلة وما
إلى ذلك في عملية استنباط الحكم الشرعي [1].
نقد ومناقشة:
إنّ تقديم مثل هذه الحلول يشير من جهة إلى عدم الاطّلاع الكافي على المباني
الفقهية، ومن جهة أخرى يدلّ على تأثّر ذهنية هؤلاء بالأفكار الغربية وعلاقتهم
العاطفية بالتمدّن الغربي، والحال أنّ طرق حلّ مشكلة المسائل المستحدثة وأمثالها
مطروحة في الإسلام [2]، ولتوضيح هذا المعنى نذكر عدّة أمور:
1. إنّ الأحكام والمقرّرات للموضوعات الجديدة، يمكن استنباطها من عمومات
وإطلاقات الأدلّة الشرعية بلا حاجة للاستعانة بالقياس والاستحسان وما إلى ذلك. وقد
تقدّم أنّ النبيّ الأكرم صلى الله عليه و آله قال في خطبة حجّة الوداع:
ومعلوم أنّه ليس المقصود من ذلك أنّ الأوامر والنواهي التي أصدرها للمسلمين في
الموارد الجزئية تستوعب في سياقها جميع ما تحتاج إليه البشرية، بل المراد هو
العمومات والإطلاقات الواردة بكثرة في الكتاب والسنّة، كما قال الإمام الصادق عليه
السلام: