responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : موسوعة الفقه الاسلامي المقارن المؤلف : مكارم الشيرازي، الشيخ ناصر    الجزء : 1  صفحة : 526

المسلمين عنه، مثل مسألة الربا التي كانت منذ قديم الأيّام إلى عصرنا الحاضر تعتبر مسألة متعارفة ومتداولة بين العقلاء وأهل العرف، بينما نرى أنّ الإسلام قد حرّمها بشدّة.

وهناك نقطة جديرة بالإلتفات، وهي أنّ الأحكام الإمضائية تارة تتعلّق بموارد حكم العقل، وأخرى تتعلّق بالأحكام العقلائية بحيث يوجد بون شاسع بينهما.

مثلًا مسألة قبح الظلم وحسن العدل تعتبر من المستقلّات العقلية لا أنّها أمر مستوحى من سيرة العقلاء. ثمّ أقدم الشارع المقدّس على تحريم الظلم وإيجاب العدل، وعلى هذا الأساس فقد أمضى حكم العقل، والقاعدة التي تقرّر بأنّ‌

«كلّ ما حَكَم به العقل حَكَم به الشرع»

ناظرة إلى هذه الموارد، ولكن هناك بعض المسائل لا تدخل في دائرة حكم العقل، بل هي بمثابة سيرة العقلاء ومنهجهم في التعامل فيما بينهم لحفظ النظام الاجتماعي أو نظام الأسرة من خلال مجموعة من الآداب والرسوم التي تعتبر بأجمعها معاملات بالمعنى الأعمّ (أعمّ من البيع والشراء والإجارة والوصية ...) وقد أقرّ الإسلام الكثير منها ممّا له مصلحة للفرد والمجتمع، وعلى هذا الأساس فنحن لدينا في الواقع نوعان من الأحكام الإمضائية: إمضاء حكم العقل وإمضاء حكم العقلاء أو سيرتهم. حتّى بالنسبة لمسألة حجّية الكثير من الأمور مثل: خبر الواحد، ظواهر الألفاظ، والشهود في باب القضاء، وأمثال ذلك تندرج في هذا الفصل أيضاً ولكن ينبغي الالتفات إلى أنّ مصطلح الأحكام الإمضائية ناظر في الغالب إلى مورد الأحكام العقلائية لا حكم العقل.

وممّا يجدر ذكره أيضاً أنّ الشارع المقدّس في هذه الأحكام الإمضائية وعند إمضائه لسيرة العقلاء وحكمهم ينشى‌ء حكماً شرعياً طبقاً لحكمهم، لا أنّه لا يوجد إنشاء لحكم شرعيّ كما يظهر من كلمات بعض العلماء [1]. وهذا بالضبط مثل إمضاء البيع في مورد العقد الفضوليّ وأمثاله، الذي يعدّ نوعاً من الإنشاء الضمنيّ.

كيفية إمضاء الشارع:

تبيّن من البحث السابق أنّ «الأحكام التأسيسية» هي الأحكام التي أبدعها الشارع المقدّس في موضوع معيّن، و «الأحكام الإمضائية» هي الآداب والتقاليد والمقرّرات التي كانت موجودة في المجتمع وقد أقرّها الشارع بنفسها، أو مع إجراء بعض التعديلات وإضافة بعض الشروط عليها.

والآن نواجه هذا السؤال: كيف يتحرّك الشارع على مستوى إمضاء هذه الأحكام؟ لقد صرّح الكثير من الفقهاء والأصوليين المعاصرين‌ [2] بأنّ إمضاء الشارع يتصوّر على نحوين:

1. أن يقبل الشارع بهذه الأحكام بشكل صريح، مثلًا يقول بالنسبة للبيع: «وَأحَلَّ اللَّهُ البَيْعَ» [3] أو بالنسبة إلى المعاملات والعقود بشكل عام يقول: «يأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَوْفُوا بِالْعُقُودِ» [4].

2. أن يقبل بهذه الأحكام من خلال سكوته، بمعنى‌


[1]. أنوار الهداية للإمام الخميني، ص 204.

[2]. وقد أشار إلى هذا الموضوع كل من: اصطلاحات الأصول، ص 70؛ منتقى الأصول، ج 7، ص 24- 27؛ في حواشي آية اللَّه المشكيني على الكفاية، ج 3، ص 336؛ أجودالتقريرات، ج 2، ص 383؛ الخيارات، ج 2، ص 66.

[3]. سورة البقرة، الآية 275.

[4]. سورة المائدة: الآية 1.

اسم الکتاب : موسوعة الفقه الاسلامي المقارن المؤلف : مكارم الشيرازي، الشيخ ناصر    الجزء : 1  صفحة : 526
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست