responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : موسوعة الفقه الاسلامي المقارن المؤلف : مكارم الشيرازي، الشيخ ناصر    الجزء : 1  صفحة : 494

والسياسية [1].

6. «إِنِّي جَاعِلُكَ لِلنَّاسِ إِمَاماً» [2].

ومن الواضح أنّ المراد في هذه الآية هو أنّ اللَّه تعالى منح إبراهيم عليه السلام مقام الإمامة والزعامة السياسية للمجتمع على أساس إدارة الأمور وتدبير شؤون الناس.

7. «عَسَى‌ رَبُّكُمْ أَنْ يُهْلِكَ عَدُوَّكُمْ وَيَسْتَخْلِفَكُمْ فِي الْأَرْضِ فَيَنْظُرَ كَيْفَ تَعْمَلُونَ» [3].

الخلاصة:

يتبيّن من مجموع هذه الآيات المذكورة آنفاً وآيات أخرى أنّ تشكيل الحكومة الدينية يعدّ أصلًا أساسياً في دائرة مقاصد الشرائع السماوية والأديان الإلهيّة.

مضافاً إلى وجود فصول مختلفة في‌ التوراة تؤيّد هذا المعنى، ولا يوجد أيّ سند تاريخي بين أيدينا يشهد على خلاف ذلك، بل إنّ العبارات الكثيرة الواردة في الأديان الإلهيّة- حتّى في نصوص الدين المسيحي المعروف بدعوته للصلح والمحبّة ومخالفته للعنف والخشونة- تؤيّد في مضامنيها هذا المطلب. مثلًا:

جاء في‌ انجيل مَتّي‌ عن قول المسيح عليه السلام خطاباً للنبيّ يحيى عليه السلام: «اسمح الآن بذلك! فهكذا يليق بنا أن تتمّ كلّ برّ» [4].

وقال المسيح عليه السلام أمام جماعة من أتباعه: «طوبى للودعاء، فإنّهم سيرثون الأرض» [5].

ونقرأ في‌ انجيل لوقا عن قول المسيح عليه السلام يخاطب الحواريين: «أما الآن، فمن عنده صرّة مالٍ، فليأخذها، وكذلك من عنده حقيبة زاد، ومن ليس عنده فليبع رداءه ويشترِ سيفاً» [6].

بل إنّ‌ انجيل متّي‌ ينقل كلاماً للمسيح عليه السلام يقول: «لا تظنّوا أني جئت لأرسي سلاماً [يعني الصلح الجبري‌] على الأرض، ما جئت أرسي سلاماً، بل السيف (وذلك لتحقيق العدالة)» [7].

والملفت للنظر أنّ ما هو معروف من كلام المسيح:

«اعطوا ما لقيصر، لقيصر وما للَّه‌للَّه». فهو أوّلًا: يرتبط بجواسيس قيصر الذين كانوا حاضرين في تلك الجلسة وكانوا ينتهزون الفرصة لإعدامه، ففي تلك الجلسة قال المسيح عليه السلام لمن كان في يده درهماً، وعلى سبيل التقية:

«أُعطوا ما لقيصر، لقيصر ...» وليس ناظراً أبداً لمسألة فصل الدين عن السياسة [8]. ثانياً: إنّ ما ورد في‌ انجيل‌ لوقا ومتّي‌ كما تقدّم آنفاً تحت عنوان «المال» لا «العمل» فلم يقل المسيح عليه السلام: «اعطوا عمل قيصر لقيصر» وفي تلك الجلسة لم تطرح مسائل سياسية ولم تكن هناك مناسبات سياسية واجتماعية.

على أيّة حال، فيستفاد من مجمل هذه العبارات أنّ المسيح كان رجلًا إلهيّاً ومصلحاً سماوياً لم يرضخ ولم يذعن لقوى الطاغوت والظلم والظلام في عصره. وقد تحرّك على مستوى التصدّي للطواغيت والظالمين في عصره.


[1]. الكافي، ج 1، ص 186، ح 4؛ انظر: تفسير نور الثقلين، ج 1، ص 490 و 491.

[2]. سورة البقرة، الآية 124.

[3]. سورة الأعراف، الآية 129.

[4]. الكتاب المقدّس، العهد الجديد، انجيل متّي، الباب 3، الآية 15.

[5]. المصدر السابق، الباب 5، الآية 5.

[6]. إنجيل لوقا، الباب 22، الآية 36.

[7]. إنجيل متّي، الباب 10، الآية 34.

[8]. انظر: آشنايى با اديان بزرگ، ص 119 (بالفارسية).

اسم الکتاب : موسوعة الفقه الاسلامي المقارن المؤلف : مكارم الشيرازي، الشيخ ناصر    الجزء : 1  صفحة : 494
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست