responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : موسوعة الفقه الاسلامي المقارن المؤلف : مكارم الشيرازي، الشيخ ناصر    الجزء : 1  صفحة : 493

إلّا بها، فإنّ بني آدم لا تتمّ مصلحتهم إلّابالاجتماع لحاجة بعضهم إلى بعض، ولابدّ عند الاجتماع من رأس، حتّى قال النبيّ صلى الله عليه و آله: «إذا خَرَجَ ثَلاثَة في سَفَرٍ فَلْيُؤَمِّروا أحَدَهُم» [1] وقال ابن حزم: «إتفق جميع الفرق الإسلامية على وجوب الإمامة، أنّ الامّة واجب عليها الإنقياد لإمام عادل ...» [2].

ويتبيّن من خلال التدقيق في هذا الكلام وفي آراء علماء الإسلام أنّه لا أحد يشككّ في ضرورة تشكيل الحكومة في واقع المجتمع.

الفصل الأوّل: الحكومة في الأديان الألهيّة

إنّ ما يستوحى‌ من آيات القرآن الكريم- التي تعتبر أفضل وأقوى سند تاريخي لاستجلاء الحقائق التاريخية- أنّ الأنبياء الإلهيين كانوا يهتمّون بشكل خاصّ بالنسبة لتأسيس الحكومة الإلهيّة، وكانوا جميعاً يتحرّكون من موقع الاعتراض والتصدّي لحكومات زمانهم وحكّام الجور في عصرهم ويدعون أقوامهم لمواجهة أعمال الظلم والجور التي كانوا يعيشونها في واقعهم وحياتهم، ويدفعونهم باتّجاه إقامة القسط والعدل في حركة الحياة، والتي لا تتيسّر بدون إقامة نظام سياسيّ وتشكيل حكومة في ذلك المجتمع.

ونشير هنا إلى بعض هذه الآيات الشريفة:

1. «لَقَدْ أَرْسَلْنَا رُسُلَنَا بِالْبَيِّنَاتِ وَأَنزَلْنَا مَعَهُمُ الْكِتَابَ وَالميزَانَ لِيَقُومَ النَّاسُ بِالْقِسْطِ» [3].

وبديهي أنّ إقامة «القسط» بواسطة الناس لا يتيسّر إلّا من خلال إقامتهم لنظام سياسيّ وتشكيل حكومة تأخذ على عاتقها هذا الأمر، ومن هذا القبيل قوله تعالى: «يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُونُوا قَوَّامِينَ بِالْقِسْطِ». [4]

2. «وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِي الْأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ» [5].

يقول المفسّر المعروف الزمخشري:

«الخطاب لرسول اللَّه ولمن معه، وعدهم اللَّه أن ينصرالإسلام على الكفر ويورثهم الأرض و يجعلهم فيها خلفاء كما فعل ببني اسرائيل» [6].

3. «وَنُرِيدُ أَن نَّمُنَّ عَلَى الَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا فِي الْأَرْضِ وَنَجْعَلَهُمْ أَئِمَّةً وَنَجْعَلَهُمُ الْوَارِثِينَ» [7].

4. «إِذْ قَالُوا لِنَبِيٍّ لَهُمُ ابْعَثْ لَنَا مَلِكاً نُقَاتِلْ فِي سَبِيلِ اللّهِ» [8].

وأمّا علاقة هذه الآية الشريفة بما نحن فيه فهو أنّ هذه الآية تشير إلى أنّ نصب قيادات الجيش والقائد العسكري إنّما هو من شأن النبيّ في ذلك الزمان، وعلى هذا الأساس تحرّك الناس على مستوى مطالبة النبيّ بهذا الأمر.

5. «وَآتَيْنَاهُم مُلْكاً عَظِيماً» [9].

وجاء في الحديث الشريف عن الإمام الباقر عليه السلام أنّ المراد من الملك هنا هو الحكومة وقيادة الامّة في نظامها السياسي وتدبير أمورها الاجتماعية


[1]. سنن أبي داود، ج 1، ص 587، ح 2608.

[2]. انظر: الفقه الإسلامي وأدلّته، ج 8، ص 6314- 6316.

[3]. سورة الحديد، الآية 25.

[4]. سورة النساء، الآية 135.

[5]. سورة النور، الآية 55.

[6]. الكشاف، ج 3، ص 353.

[7]. سورة القصص، الآية 5.

[8]. سورة البقرة، الآية 246.

[9]. سورة النساء، الآية 54.

اسم الکتاب : موسوعة الفقه الاسلامي المقارن المؤلف : مكارم الشيرازي، الشيخ ناصر    الجزء : 1  صفحة : 493
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست